ما الذي يدفع حكومة المستعمرة الإسرائيلية كي تقبل التوصل إلى تفاهمات جدية مع حركة حماس، رغم العداء المتبادل بينهما، وعدم ادعاء أي من الطرفين أنه غيّر موقفه العدائي نحو الآخر؟؟ حكومة المستعمرة لا تلتفت نحو الاهتمام لحكومة رام الله، بينما تبحث عن المداخل العملية لإنجاح التفاهمات مع حماس في غزة، السلطة في رام الله غدت في جيب الحاكم العسكري كميل أبو ركن وهو يدفع باتجاه أن تكون سلطة غزة كذلك!!.
السلطة في رام الله لم تعد تشكل إزعاجاً أمنياً للمستعمرة الإسرائيلية، بل بالعكس تلتزم بكل المتطلبات الإجرائية والعملية لمؤسسات المستعمرة بدون حرج وبلا تردد، ولذلك لا تحتاج المستعمرة وأجهزتها كي تصرف جهداً لترتيب علاقاتها مع رام الله، طالما أن الالتزام عالي المستوى ومقبوض الثمن لمواصلة التنسيق الأمني وتؤدي أفعاله ومتطلباته على أكمل وجه.
ومقابل التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، تبذل حركة حماس جهدها عبر الوفاء بما هو مطلوب منها ضمن التهدئة الأمنية وشروطها، والالتزام بما هو مترتب عليها تحت سقف التفاهمات التي تم التوصل إليها، وأثبتت حركة حماس مصداقيتها عبر تسلسل خطوات التهدئة واستحقاقات التفاهم المتبادل بين الطرفين بوساطة نيكولاي ميلادينوف مع القاهرة والدوحة، إضافة إلى المصداقية التي تتمتع بها حركة حماس والتزامها بوقف إطلاق النار، رغم الخرق الفاضح والجريمة التي ارتكبها العدو في اغتيال بهاء أبوالعطا من حركة الجهاد، فقد أوقفت حركة حماس «مسيرات العودة وفك الحصار» وأثبتت قدرتها على فرض رؤيتها الأحادية على باقي الفصائل الفلسطينية، وضخ الذرائع لوقف هذه المسيرات ونقل نشاطاتها بدلاً من أن تكون أسبوعية منذ انطلاقتها يوم 30 آذار 2018، لتتحول إلى موسمية وهادئة وخالية من أي مظهر من مظاهر العنف أو الصدام مع العدو الإسرائيلي، نزولاً عند فهم وقرار ورؤية وشروط حكومة المستعمرة!!
لا شك أن حركة حماس تتمتع بمواصفات تفتقدها حركة فتح، فهي تسيطر منفردة على كامل قطاع غزة، وهو واقع تحتاجه المستعمرة الإسرائيلية كي تضمن توفر طرف يمتلك المصداقية والالتزام والقدرة على السيطرة، مما يوفر للإسرائيليين الهدوء المطلوب، ويجعل من خطة المشروع الإسرائيلي إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة قابلاً للتحقق بشكل تدريجي وعبر خطوات تراكمية تقوم على قاعدة تفاهمات التهدئة وتصليب إجراءاتها وجعل الالتزام بها ومن خلالها بمثابة مصلحة مشتركة ومستديمة للطرفين: للإسرائيليين ولحركة حماس، وتتحول كما هو التنسيق الأمني في رام الله إلى مصلحة مشتركة، والنتيجة ستكون أن غزة كما هي رام الله أسيرة للشروط الإسرائيلية المجحفة.
في الضفة الفلسطينية الاستيطان التوسعي الاستعماري متواصل، وتهويد القدس وأرسلتها يتم علناً وبكل وقاحة، وتصرخ رام الله وتحتج غزة، ولا أثراً عملياً ملموساً في ردع العدو الإسرائيلي عن مواصلة برنامجه ونشاطه واستعماره، لا صراخ رام الله أوقف التنسيق الأمني، ولا احتجاج غزة أوقف التهدئة الأمنية لسبب جوهري لأنهما يستمدان البقاء في السلطة من رضى الاحتلال وموافقته، وهذه الصورة البشعة يعرفها حقاً قادة رام الله وقادة غزة، عن شروط التنسيق واستحقاقات التهدئة، ولكنهم لا يرغبون التذكير بها، ولا يقبلون توجيه النقد لهم بسببها.
0 تعليق على موضوع : تفاهمات حماس مع المستعمرة // حمادة فراعنة
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات