يشوب المشهد العام للمنطقة والإقليم إن لم يكن العالم بأسره خلال المرحلة الحالية ضبابية كبيرة، لعلّها الأكثر منذ سنين، إذ يسيطر على تفاصيل المرحلة الترقب الحذر لما ستؤول اليه الأحداث، وما الذي تخفيه الأيام من ردات فعل بعد قتل قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني.
واقع الحال لا يشير لإيجابية في التفكير، أو احتساب القادم، ذلك أن في قتل سليماني اشعالا لفتيل أزمة ربما لن تنتهي رياحها بما تشتهيه سفن الولايات المتحدة الأميركية وكذلك ايران، التي كانت السبب الحقيقي خلف قتل سليماني، لغايات وضع حدّ لدورها الذي بات يؤكد كثيرون أنه يسير نحو فرض مزيد من السيطرة على دول الإقليم، وتوسيع أفق تعاملها مع قضايا المنطقة، لتأتي الخطوة الأميركية بقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، في قصف صاروخي أمريكي، استهدف موكبا لمليشيا مدعومة من إيران في مطار بغداد، بمثابة سد يبنى أمام ايران.
ضبابية المشهد تأخذ أي تحليل لجهة انتظار الرد الإيراني على الضربة الأميركية، وأدواته لهذه الغاية، سيما وأن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي صرّح بعد الحادثة على الفور بأن «الانتقام الشديد ينتظر المجرمين» وراء الهجوم، ليؤشّر بذلك على نيّة ايرانية برد غير بسيط على ما حدث، مما يضع التفاصيل القادمة بكفّة رد فعل خطير، أو كما وصفه الإيرانيون «بالقاسي» .
ووسط تعدد ردات الفعل على مقتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ورفاق له بعملية عسكرية أمريكية، برزت لغة العقل والحكمة وحتما من أوتي الحكمة فقد أوتي علما كثيرا، التي أعلن عنها الأردن، ففيما أكد متابعته لما يحدث بقلق شديد لكل ما تشهده الشقيقة العراق من تطورات شدد على أهمية التعاون لحماية أمن العراق واستقراره، نعم فهذا هو الأهم اليوم والأكثر جدّية مع التعامل مع هذا الملف برمّته، هو سلامة العراق وشعبه وأراضيه، وعدم جرّه لأي معارك أو ردات فعل أو حتى تصفية حسابات.
الأردن، الذي أطلق رسالة واضحة بصوت عال أمس الأول، بضرورة بذل كل جهد ممكن لإحتواء الأزمة وخفض التصعيد، نبّه الى أنه سيكون لهذا التصعيد تداعيات كبيرة صعبة إن تفاقم، وهو ما لا ينتظره العرب في عامهم الجديد، الذي بدأوه بقلوب مليئة بالأمل أن القادم أفضل، وأن هذا العام يختلف عن سابقه بأمل أن يكون برائحة الفرح وليس برائحة الدماء التي لوّنت خارطة دول المنطقة لسنوات.
لا يمكن تجاوز تبعات ما تتجه له نوايا أطراف الصراع على المنطقة، التي أنهكتها الأزمات والمشاكل، بالتالي، وكما طالب الأردن يجب تجنيب المنطقة تبعات أزمات جديدة من خلال اعتماد معالجات سياسية وبناء علاقات إقليمية قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، بذلك يتقدّم الأردن بوصفة لإنهاء الأزمة بعيدا عن أخذ دول المنطقة لمكان حرب جديدة حتما ستقضي على ما تبقى من جسد دول أنهكتها الحروب.
في لغة السلام تحلّ كافة القضايا والأزمات، مهما تعمّقت خطورتها، سيما إذا ما تم التفكير بعملية في مصير شعوب ومنطقة واقليم، ودول ما لبثت تنفض عن نفسها تراب أزمات وحروب أنهكتها وأنهكت شعوبها، ودون ادنى شكّ أن اشعال حرب اليوم لن يخرج منها أحد رابح، فكل من سيخوضها سيكون خاسرا، المنطقة والإقليم لن يدخلا من جديد في حروب ولا حتى في فوضى الانتظار بين الاستقرار من عدمه.
0 تعليق على موضوع : الأردن ولغة العقل للخروج من أزمة سليماني // نيفين عبدالهادي
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات