تَتَضَافر التكنولوجيات الجديدة لِتُغَير حاليًا من طرق إنتاج وتوزيع المنتجات والخدمات وأداء المعاملات، وتخلق فرصًا هائلة لزيادة الإنتاجية ولنمو اقتصادى يؤدى الى ارتفاع فى مستويات المعيشة، وكما أنها تفرض فى الوقت نفسه تحديات على المنظمات العامة والخاصة للتحول الرقمى من جانب ولتأهيل الأفراد على أنماط جديدة للعمل من جانب آخر.
إن السياسات الهيكلية المصرية التى تشجع الابتكار والمبادرة وريادة الأعمال وانشاء المناطق والمراكز التكنولوجية ستساعد حتماً فى توطين التكنولوجيا خاصة أن لدى مصر جيلا صاعدا متمكنا من أدوات العصر الجديد، وستمهد لمستقبل واعد أمام الاقتصاد المصرى الذى لم يستفد بالقدر المطلوب من الثورات الصناعية السابقة، ولقد استحدثت الثورة الصناعية الأولى الإنتاج الآلى من طاقة البخار وأسست الثورة الصناعية الثانية ــ فى بداية القرن العشرين- لإنتاج الحجم اعتماداً على طاقة الكهرباء، وأدت الثورة الصناعية الثالثة إلى أتمتة الانتاج بواسطة تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وامَّا الثورة الصناعية الرابعة التى نعيشها الآن فأوجدت مايُسمى الإنتاج الذكى والمرن والذى تتضافر لتحقيقه تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى والطابعة الثلاثية الأبعاد وانترنت الأشياء والبيانات الكبيرة والسحابية، فالاقتصاد الرقمى يعنى تطبيق الرقمية فى جميع المجالات بما فى ذلك مجال التصنيع ، فالمصنع الرقمى هو ركيزة استراتيجية الصناعة 4.0 ــ كما يطلق عليها الآن فى إستراتيجية الدول للثورة الصناعية الرابعة ــ والتى يتحقق فيها الاندماج الافتراضى بين كل مكونات سلسلة القيمة باعتبار الذكاء الاصطناعى عاملا من عوامل الإنتاج مثل رأس المال والعمالة، وهى ثورة حقيقية فى التصنيع وليست مجرد تحول فى أساليب الإنتاج حيث يتم الدمج لأول مرة بين العالم الحقيقى والعالم الافتراضى بما يحقق قيمة مضافة مرتفعة ستمكن الصناعة المصرية من المنافسة فى الداخل والخارج علاوة على الوفر فى استخدمات الطاقة والمواد.
إن التحول الرقمى يتطلب حوكمة للاقتصاد الرقمى فى إطار جديد من التشريعات والقواعد، وبنية مساندة لتمويل وتيسير المعاملات الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مجال التكنولوجيات الجديدة، وبناء قاعدة معلوماتية عامة قوية، والارتقاء بالقدرات الرقمية فى المدارس، ودعم وإعفاء ضريبى لمنظمات التدريب الرقمى، وتشجيع الشباب المصرى بالخارج الذى يعمل فى مجال الرقمية على العودة للوطن، ودعم استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصال فى مجالات الصحة والزراعة، بالإضافة بالطبع الى التكنولوجيا المالية والشمول المالى، علاوة على التصدى لتهديدات الاقتصاد الرقمى المتمثلة فى تهميش فئات من المواطنين غير مؤهلة وفى الامن السبرانى وفى الخصوصية الشخصية. ولايكفى لمصر أن ترفع درجة استعدادها للتحول الرقمى بل يجب ايضًا ومن خلال تعميق التوطين التكنولوجى أن نُعِّد أنفسنا للاستقلال الرقمى بما يعنى: سياسة لحماية الصناعة الرقمية المصرية, وتشجيع إقامة كيانات مصرية كبيرة للإنترنت ومحركات البحث. وإقامة مراكز بيانات مصرية تخزن البيانات وتبقيها داخل حدود الوطن. وتدريب المنظمات ومسئولى أجهزة الدولة على حماية البيانات. وبنية أساسية رقمية متينة. وسياسات وقائية لتحاشى
0 تعليق على موضوع : الصناعة والاستقلال الرقمى
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات