شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

أحزاب لا ترى الشعب الذي يراها // بقلم : فاروق يوسف


أحزاب لا ترى الشعب الذي يراهالا يزال المحتجون حتى هذه اللحظة يتعاملون باحترام مع الاحزاب التي كان وجودها في الحكم سببا مباشرا في تدمير وطنهم.




مطالب شعبية متشابهة في كل العراق


ليست الأزمة العراقية في طريقها إلى الحل بالرغم من مضي حوالي ثلاثة شهور على الاحتجاجات غير المسبوقة في التاريخ السياسي العراقي.

مرشحة تلك الأزمة لمزيد من التعقيد.

طرفا الأزمة لن يتراجعا خطوة إلى الوراء ولن يقدما تنازلات ستبدو كما لو أنها توقيع على بياض هزيمة لا حدود لتداعياتها.

كل واحد منهما سيبقى متمسكا بشروطه من أجل أن تبقى جبهته متماسكة، وهو ما يمكن أن يقود إلى التشدد في ظل غياب وسيط معتدل بين الطرفين اللذين لا يثق أحدهما بالآخر.  


لا يمكننا هنا الحديث عن حكومة عراقية. فتلك جهة لا وجود حقيقي لها بعد أن استقال رئيسها وذهبت إلى الخفاء.

الأحزاب التي كانت تدعم بقاء الحكومة المستقيلة ظهرت على الواجهة باعتبارها الطرف الذي يمثل جبهة القوى الحاكمة. ذلك أمر غير مسبوق هو الآخر. فليس من الطبيعي أن تحل أحزاب يُفترض أن حركتها مقيدة بحدود دائرة تمثيلها البرلماني محل السلطة التنفيذية ولا يمت إلى السياسة بصلة ان تقوم تلك الأحزاب بفرض ارادتها على الشعب الذي لا تزال تدعي أن شرعية وجودها في الدولة مستمدة من أصواته الانتخابية.

وإذا ما كانت تلك الأحزاب ممتنعة حتى الآن عن التعامل مع مطالب المحتجين بطريقة محترمة بحيث أن أصوات المحتجين تبدو كما لو أنها لا تصلها، فإن الشعب على الضفة الآخرى لا يجد بأسا في الرد بالرفض على الاقتراحات التي تتقدم بها الأحزاب.

لا يزال المحتجون حتى هذه اللحظة يتعاملون باحترام مع الاحزاب التي كان وجودها في الحكم سببا مباشرا في تدمير وطنهم وسحق مواطنتهم وتبديد ثرواتهم الوطنية. ويمكن رد ذلك التعامل إلى مبدأ "االسلمية" الذي نجحوا في الحفاظ عليه بالرغم من كل عمليات القهر والقتل والقمع والمطاردة التي مارستها الأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة للأحزاب.

تظهر الأحزاب من خلال مزاد الترشيحات الذي اقامته استعلاءها على الشعب بالرغم من أن كل الوقائع تؤكد أنها لم تعد قادرة على مغادرة حالة الصفر الحراري التي وصلت إليها بتأثير مباشر من الاحتجاجات.

كان من المتوقع أن تنتهي الأمور إلى قطيعة من ذلك النوع.

فالأحزاب التي أدارت الدولة عبر ستة عشر عاما من غير أن تتعرض للمساءلة ونجحت في توطين الفساد وتطبيعه داخل دائرة حركتها لا يمكنها أن تعود إلى الوراء لتصدق أن الشعب هو فعلا مصدر السلطات.

تلك كذبة وافقوا عليها يوم كانوا يسعون إلى السلطة. اما وقد صارت السلطة مُلك أيديهم فإن انفصالهم عن الشعب كان أمرا مستلهما من تربيتهم الحزبية حين كانوا يهيئون أنفسهم للانتقام في المجتمعات التي سبق أن طردتهم وتخلت عنهم في السابق.

أما الشباب في ساحات التظاهر فإنهم على يقين من أنهم يملكون الحق في التغيير. وهم لا يحتاجون في ذلك على استفتاء وبالأخص على مستوى شرعية وجودهم. فإذا كانت الأحزاب في حاجة إلى صناديق اقتراع، تكتسب من خلالها شرعيتها فإن الشعب لا يحتاج إلى شيء ليؤكد من خلاله حقه في أن يفرض نمط الحياة الذي يليق به.

تلك المسافة الهائلة التي تفصل بين الطرفين هي العقدة التي يمكن من خلالها الحكم بأن الأزمة لن تكون في طريقها إلى الحل إلا إذا تهاوت مقاومة احدهما.

وقد لا يصدق البعض أن الأحزاب لا تزال تعتقد أن في إمكانها أن تهزم الشعب. ذلك شعور سيرافقها حتى الهزيمة.

تلك ثقة تعبر عن انحدار القيم السياسية لدى تلك الأحزاب التي صار العراقيون من جهتهم على يقين من أن وجودها في الحكم لا يليق بهم ولا ببلدهم.

كاتب الموضوع

الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : أحزاب لا ترى الشعب الذي يراها // بقلم : فاروق يوسف

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017