شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

تونس: قمة المشي بين حقول الألغام


من طبيعة نجاح القمة أن يكون مربوطا بثلاثة مؤشرات أساسية وهي إدارة الصراع العربي- العربي، وتدوير زوايا التشبيك العربي وتطويره، وتدبر سبل مقاومة التهديدات الأجنبية.

الخميس 2019/03/28
قمة إرجاء القضايا الخلافية
إن كان من واجب تونسي حيال قمّة العرب وواجب عربي حيال قمّة تونس، فهو تعريف نجاح القمة من فشلها، وتحديد الأولويات القومية الواجب تقديمها والضرورات المؤكد اتخاذها، وربط كل ما سبق مع السياق الجيوسياسي الذي تعيشه المنطقة العربية برمتها.
فالسقوط في مطبّ بيانات التنويه بحفاوة الاستقبال وطيب المقام، والإسراف الإعلامي التونسي في كيل المديح للدبلوماسية التونسية سواء عن حسن نية أو سوئها، لن يفيد في ظرف استراتيجي حسّاس وخطير يمر به الوطن العربيّ، ولن يقنع جزء من الرأي العام العربي الذي على الرغم من قساوة الظرف وفداحة الراهن، إلا أنه لا يزال ينظر إلى تونس بأنها الاستثناء في ظل القاعدة والإجابة زمن الاستفسارات الوجودية.
ذلك أنّ مقياس نجاح القمة العربية زمن التشرذم العربي والمكاسرة البينية، غير معيار النجاح زمن التكامل والتعاون، وحدود النجاح في ظرف ارتداد البوصلة وتأرجح المرجعيات غير حدود الفشل في إطار وحدة الهدف ووضوح الرؤية الاستراتيجية.
شاءت الظروف أن تكون قمة تونس، قمة عادية استثنائية، فأشغال الأخيرة مرتب لها منذ القمة الأخيرة بالمملكة العربية السعودية، ولكن الأحداث الكبرى التي ضربت الوطن العربي من اعتراف الولايات المتحدة بضم الجولان السوري المحتلّ إلى تل أبيب، والتصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، والحراك الجزائريّ الملتهب، واستعصاء الأزمة في اليمن، والاضطرابات الأمنية المتواصلة في ليبيا، كلها مقدّمات أضفت على القمة طابع الاستعجال والطوارئ.
وعلى اعتبار أن طابع الاستثناء كثيرا ما يستدرّ مزايدات وإسقاطات من الأطراف المراهنة على التقصير العربي الرسمي، وهو موجود، فمن الواجب على قمة تونس أن تكون عند راهنية الحدث وعند انتظارات قطاعات معتبرة من الرأي العام العربي، لا من أجل استقبال المزايدة بمزايدة أخرى، ولكن من أجل التاريخ ومستقبل شعوب هذه المنطقة.
هنا من طبيعة نجاح القمة أن يكون مربوطا بثلاثة مؤشرات أساسية وهي إدارة الصراع العربي- العربي والحيلولة دون استفحاله، وتدوير زوايا التشبيك العربي والدفع نحو تطويره، وتدبّر سبل مقاومة التهديدات الأجنبية وما أكثرها.
سعت تونس إلى اقتلاع كافة فخاخ تفجير القمة العربية، فاستبعدت مناقشة عودة سوريا إلى مجلس الجامعة العربية تجنبا لصراع سياسي مأزوم بين أكثر من عاصمة عربية وأكثر من قوة دولية، ونأت بنفسها أيضا عن موضوع صفقة القرن، التي ستفتح جروحا غائرة لم تندمل بعدُ بين الفاعل الفلسطيني والأردني من جهة، والعديد من الفاعلين الخليجيين الذين توجه إليهم مسؤولون إسرائيليون مؤخرا من جهة ثانية.
سعت تونس إلى اقتلاع كافة فخاخ تفجير القمة العربية، فاستبعدت مناقشة عودة سوريا إلى الجامعة العربية تجنبا لصراع سياسي بين أكثر من عاصمة عربية، ونأت بنفسها عن موضوع صفقة القرن التي ستفتح جروحا غائرة لم تندمل بعد
وهذا لا يعني أن تجنب الفخاخ الكبرى سيجنب قمة تونس الفخاخ المتوارية، فكافة قضايا الوطن العربي تقريبا صارت مسائل للمناوشات والمكاسرات، وإن بدرجات متباينة.
وهذا لا يعني أيضا أن تجنب التطرق إلى القضايا الخلافية، سيفضي إلى حلّها أو إلى الحيلولة دون ارتداداتها السلبية على سير النقاش، بل بالعكس فكلما تأخرت قمة في معالجة المسائل الخلافية كلما خبأت للقمة القادمة فخاخا جديدة ووضعت أمام التعاون العربي عراقيل جديدة.
أما المؤشر الثاني، ونعني به تدوير زوايا التشبيك العربي، فلا يبدو أنّ كافة المشاريع العربية المطروحة على غرار الاتحاد الجمركي العربي والسوق العربية الحرة بقادرة على أن تتكرس على أرض الواقع طالما أنّ الحدود البرية العربية مغلقة سواء في المغرب العربي أو في منطقة الخليج، وطالما أنّ القضايا الكبرى على غرار الصحراء المغربية والجماعات الإسلامية المتشددة والميليشيات المسلحة لم توضع على طاولة النقاش والتطارح.
لن نصادر قمة تونس في حقها المشروع في الحديث عن المشاريع الاقتصادية الطموحة وعن طموحها في أن يكون الاقتصاد قاطرة للحل السياسي، ولكن دون تجاوز الحقائق الجغرافية وتسريب الوهم للرأي العام العربي والقفز فوق الهوة السياسية التي لم تُجسّر على مدى عقود خلت.
ثالث لبنات النجاح النسبي، كامن في تدبير مقومات الصمود أمام التهديدات الأجنبية، فدونه تملك أهل القضية لقضيتهم وتقديمهم لها قبل مطالبة المنتظم العربي بهذا الأمر.
فالقضية الفلسطينية ستكون على رأس الأولويات العربية، في حال قدمّها الفلسطينيون على الانقسام الفلسطيني الذي صار متجذرا، وفي حال تسبيقها على الجري وراء التفاوض المهين، وفي حال بادروا هُم قبل غيرهم لاجتراح بدائل عن المفاوضات وعن الوسيط الأميركي غير النزيه وعن الخطاب التناقضي لبعضهم البعض.
من واجب القمة العربية أن تؤمن للمقدسيين آليات الصمود، وأن توفر للشعب الفلسطيني مقدمات البقاء على أرضه من معاش كريم والسبل الضرورية للحياة، وأن تضمن لهم التضامن الكامل في المحافل الأممية والدولية، وأن تبحث معهم عن وسطاء جدد للقضية الفلسطينية، أو عن بدائل جديدة في مسار التحرير، ولكن قبل كل شيء لا بدّ من تضامن فلسطيني- فلسطيني ومن عودة جماعية عن الانقسام.

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : تونس: قمة المشي بين حقول الألغام

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017