مجتمعاتنا العربية غارقة في الاوهام

الاوهام تعشش في الرؤوس العربية لا فرق بين كبير وصغير او بين مفكر ومثقف وسواق تاكسي اجرة
وهذه الاوهام تعبر عن مدى التخلف الشامل الى حد ما .. هذا التخلف الذي يمثل سببا رئيسيا في تخلف بلادنا وفقر شعوبنا وضياع حقوقتا

مجتمعاتنا العربية غارقة في الاوهام (1)

توجد في مجتمعاتنا العربية صناعة متميزة جدا وكبيرة وخطيرة اسمها صناعة الوهم ونشر الاوهام
وصناعة الوهم تصنع صناعة بحيث يصبح لدى المواطن صورة مشوهة أو تفسيرات خاطئة لحقائق قائمة،
وبينما يُشار دائما إلى مصطلح المجال العام بوصفه المساحة المتاحة لحركة المواطنين من أجل النقاش الحر، وتبادل الرأى، والالتقاء بين المختلفين فكريا، يتحول المجال العام فى ذاته إلى ساحة لإنتاج أوهام عن الواقع. 

وهناك أطراف كثيرة تنتج الوهم منهم أهل السياسة، والإعلام، والقوى المناهضة، الخ، بوعى أو بدون وعى، ولكن النتيجة واحدة

مجتمعاتنا العربية غارقة في الاوهام (2)

ابرز اسباب صناعة الوهم في ديار العرب
ان من أبرز ألاسباب الشائعة لصناعة الوهم فى مجتمعاتنا العربية ، هي:
اولا : عدم القدرة على مواجهة الضعف، بحيث يتحول الوهم إلى بديل عن المواجهة، ويصبح كل من يناقش الحقائق الجادة مغرضا بينما من يشيع أوهام القوة، والغلبة، والقدرة التى لا تتناسب مع الامكانات هو الأفضل.


ثانيا : من أسباب صناعة الوهم أيضا عدم إدراك الحقائق، وغياب القدرة على الوصول إلى المعلومات أو تفسيرها، مما يدفع المرء إلى إطلاق الآراء التى تسمح بالالتفاف على المعلومات، وتجنب الاعتراف بالحقائق المؤلمة.

ثالثا : الوعى الإنسانى غير جاهز لتقبل الحقائق مما يدفعه إلى خلق أوهام يعيش فيها، ويهدئ بها روعه، ويظل يعيش فيها إلى أن يرتطم بالواقع حتى يستيقظ الوعى من غفوته على حقائق الواقع المؤلمة.

رابعا : ومن بواعث صناعة الاوهام تفسير وتبرير المشاعر السلبية تجاه الآخرين، بحيث يصبح للكراهية منطق، ولنفى الآخر حكمة، الخ.

خامسا : الوهم أيضا يُنتج عندما يراد تسويغ مصالح القلة على حساب الأغلبية، فيكون المنطق فى صف مصلحة الأكثر حضورا، وتأثيرا، ونفوذا، بينما الأغلبية مهمشة، أو بعيدة التأثير، قابعة فى الظل.

سادسا : من ابرز صناع الوهم في المجتمعات العربية رجال الدين والوعاظ والمفكرين الاسلاميين .. حيث يقوموا بنشر الافكار والحلول والتفسيرات العدمية والوجدانية دون اي سند مادي واقعي ملموس ,, وهذه الاوهام هي الاكثر انتشارا في المجتمعات العربية


مجتمعاتنا العربية غارقة في الاوهام (3)

الاثار المدمرة لصناعة الوهم في مجتمعاتنا العربية
ان الانتشار الواسع جا للأوهام، في مجتمعاتنا العربية وأدت إلى حالة من التشوش فى مناقشة القضايا الجادة، وسببت إحباطا لعدم الإحاطة بالحقائق، وصرفت الناس عن التفكير السليم . وزرعت في العقول معلومات خاطئة وتفسيرات لا اساس لها من الصحة
وخلال العقد الحالي ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي مساهمة كبيرة جدا في اشاعة الاوهام و التى عجت بنقاشات تراوحت ما بين تفاؤل جم، وبين إحباط مزر، والحقيقة لا هذا ولا ذاك.
ويتحول الأمر إلى مساحات من السخرية، والتعبيرات العاطفية، والشجن الإنسانى، وجميعها أساليب تندرج فى إطار الأوهام، وليس المعلومات. وتحيط بها توقعات متزايدة تنتهى إلى إحباطات متفاقمة، والسبب هو الوهم وليس الحقيقة.


ومن اكبر الاثار المدمرة لانتشار الوهم .. انتشار تدني مستوى الوعي ومحدودية الخبرة ,, وضعف المساهمة في عمليات بناء المجتمع بشكل واقعي وحقيقي

اضافة لانتشار الكذب والمبالغة وتزييف الحقيقة ,, والافراط اما بالتشاؤم او التفاؤل بالفرح او بالنكد ,,
وباختصار
الوهم مخالف ومتعارض مع الحقيقة والواقع ,, وكل ما يخالف الحقيقة والواقع هو مدمر ويحطم ارادات ويعزز الكسل ويغرق الناس في اتون واقع خيالي مفترض لا ينتمي للحياة باي صورة من الصور ..

مجتمعاتنا العربية غارقة في الاوهام (4)

اشهر الاوهام المنتشرة في المجتمع العربي
-----------------
من الثابت تماما أن الأوهام غلبت المعلومات، وأعاقت تفاعلات ونقاشات جادة تدفع المجتمع للأمام.
وهناك أوهام كثيرة وتتوالد كل يوم فمصانعها شغالة بقوة منتشرة بشكل كبير فى الحياة العامة توارثها المجتمع العربي ، وتحولت بالنسبة له إلى حقائق,


ابرز الاوهام الشائعة (1)

اولا :
الإغراق الشديد فى الحديث عن الاخلاق، واضفاء طابع من التدين الشكلى على المجتمع بهدف التعتيم على تردى الأوضاع الأخلاقية، والفساد.

ثانيا :
الحديث بإعجاب الذى ظل لسنوات- عن التيار الدينى، بوصفه المناضل ضد الفساد، وتراجع الاخلاق، نصير الفقراء، وهو ما ثبت عكسه من واقع الممارسة الفعلية،
ولم يحدث نقاش جاد حول الأسباب التى أدت إلى إنتاج هذه الأوهام، والتى كانت فى الأساس بسبب عجز السلطة لعقود عن وضعهم موضع مناقشة نقدية فى المجال العام بعيدا عن المساجلات غير الجادة.

ثالثا :
مستنقع ضخم جدا من الاوهام حول دور "الحكومات" السلطة السياسية وقدراتها وواجباتها وتقصيرها . وطبعا يدخل في هذا الاطار المبالغات والاوهام حول الفساد والسرقة وغيرها

رابعا :
الحديث يطول عن أوهام الحياة العامة من النظرة إلى المؤسسات السياسية، مرورا بالسياسات العامة، والتصورات الشعبية، والعلاقات بين المواطنين، وأنماط المعيشة، الخ

خامسا :
على الصعيد السياسي الدولي
الاوهام حول قوة دولة العدو الصهيوني
الاوهام حول دور الغرب في تخلف واضعاف الدول العربية
الاوهام حول قدرات الولايات المتحدة
الاوهام حول عظمة نركيا وايران
الاوهام حول مقولة "الفوضى الخلاقة "
الاوهام حول مقولة "الشرق الاوسط الجديد
الاوهام حول دور اللوبي اليهودي وانه يسيطر على امريكا والعالم
الاوهام حول اتفاقية سايكس بيكو
الاوهام حول المشاريع والخطوات والقرارات والتصريحات والعلاقات الدولية ودور الولايات المتحدة ووزنها ودور روسيا او الصين واوزانهما

سادسا :
اوهام دينية لا حصر لها ,,
اولا : من ابرز الاوهام الدينية تبشير جماعات الاسلام السياسي باعادة دولة الخلافة
ثانيا : اوهام وخيالات وقصص لا حصر لها عما يسمى التاريخ المجيد للعب والمسلمين ..
ثالثا : الخيالات والاوهام عن تدخل الله عز وجل في الاحداث والحوادث الفردية او الجماعية
رابعا : اوهام قاتلة تصورر ان الدعاء الديني هو سلاح جبار لمعالجة كل انواع المشاكل وحلها او صناعتها ..
خامسا :اوهام لا حصر لها عن حياة الانسان اليومية والطويلة وانتشارالخرافات الوهمية مثلا عن العلاج بالطب البديل وغيره
سادسا : اوهام تتعلق بالرزق واسبابه او انقطاعه,,

سابعا : اوهام اخرى
هناك أوهام أخرىمنتشرة بقو في المجتمع العربي منها:
وهم الكمال،
وهم الخصوصية،
وهم الصواب،
وهم الأعاصير عقوبات إلهية على الأعداء
وهم البطولة والاقتدار ..

اتنا العربية غارقة في الاوهام (5)

ابرز الاوهام المعششة في المجتمع العربي
عرض مكثف والتكرار هدفه البرهان على الابرز منها1 - وهم الماضي الزاهر: لا زالت الحياة العربية منشغلة بتمجيد وتبجيل الماضي، عبر رموزه وممثليه وخطبائه من على المنابر، وطبقا للدكتور إبراهيم عرفات، في مقاله الرائع عن توظيف النوستالجيا هناك فارق هائل بين إبستمولوجيا الماضي، ونوستالجيا الماضي،
الأولى هي النظرة المعرفية العقلانية المدققة،
وأما الثانية فرؤية تقديسية للماضي..
إن حشو أذهان الناشئة بأمجاد الماضي، دون رؤية متوازنة لما لنا، وما علينا، ودون توضيح لأخطائنا في حق الآخرين، وبخاصة الأقليات، وأخطاء الآخرين في حقنا، يورثهم استعلاء كاذباً وامتلاء فارغاً، يجعلهم غير قادرين على الإفادة من الماضي.


2 - وهم أفضلية الرجل على المرأة: إذا التمسنا عذراً لمجتمعاتنا قديماً، في نظرتها المنتقصة للمرأة، بسبب النظام الإنتاجي القائم على الحروب والغنائم، حين كانت المرأة، عنصراً غير منتج، فما عذر مجتمعاتنا المعاصرة، في نظرتها المهمشة للمرأة، وهي تشارك في تنمية مجتمعها بفعالية؟!
لا زال وهم أعلوية الرجل حاكماً للعقلية العربية، لازالت المواطنة المتزوجة من غير المواطن، محرومة من نقل جنسيتها لأولادها في معظم التشريعات العربية، لا يزال نقل الجنسية حقاً حصرياً للرجل وحده! لا زالت المرأة في مجتمعاتنا، تعامل كمواطنة من الدرجة الثانية!

3 - وهم التآمر العالمي: يحتل هذا الوهم المساحة الأعظم في حياتنا، لازال قطاع كبير في مجتمعاتنا، وشخصيات سياسية وفكرية، يرون في ضرب البرجين، مؤامرة أميركية لاحتلال أفغانستان! لا زلنا نحمل مسؤولية الفتنة الكبرى في التاريخ الإسلامي، على تآمر ابن سبأ اليهودي.

4 - وهم احتكار الجنة: كان هذا الزعم، هو الصفة الغالبة في التاريخ الإسلامي على كافة الفرق الإسلامية في منازعاتها حول من هي الفرقة الناجية التي تدخل الجنة! تسرب هذا الوهم إليها من حديث تنبأ بافتراق الأمة إلى 73 فرقة، كلها في النار، إلا واحدة!
فأصبحت كل فرقة تدعي أنها على الحق المطلق وغيرها على باطل، ومع ان الحديث مشكوك في صحته عند المحققين، إلا أن الوهم الناتج منه، كان وراء صراعات الفرق الإسلامية في الماضي، والحاضر، وغاب عن هؤلاء أن جنة عرضها السماوات والأرض، فيها متسع لجميع من آمن وعمل صالحاً، برحمة الله تعالى الواسعة.

5 - وهم استرجاع دولة الخلافة: يستحوذ على أدبيات التيارات الإسلامية بكافة أطيافها، ومع ان نظام الخلافة التاريخي، ليس من أصول الدين الثابتة، بل من التدابير التنظيمية المتغيرة، إلا أن كافة التنظيمات، جعلته هدفاً محورياً في نشاطها. الدعوي والسياسي، في عصر ينبذ مثل هذا النظام! وما مزاعم داعش بإعلان دولة الخلافة، إلا أحد تجليات هذا الوهم الزائف

6 - وهم القنبلة الديموغرافية: وهم يسود لدى قطاعات جماهيرية ونخبوية، يرون في تكثير النسل السلاح الأقوى لمواجهة الأعداء!
الفلسطينيون يرون في تكثير الإنجاب، أفضل أسلحتهم في المقاومة، المسلمون في أوروبا يرون في تزايدهم- تناسلا وهجرة- مع تناقص التناسل الأوروبي، مصلحة استراتيجية. المسلمون عامة، يرون الكثرة العددية، كثرة مطلوبة ومحمودة، يسري هذا الوهم في عمق اللاوعي الجمعي العربي، في الوقت الذي تتفوق إسرائيل بالكيف لا بالكم!
انتهى البحث اتمنى ان يؤدي الى حوارات جادة لعل وعسى نساهم بتخليص مجتمعاتنا من الاوهام التي تقتل كل شيء ايجابي فينا