على الرغم من القبول الواسع الذي تلقاه "الديمقراطية" ـ كنظرية سياسية للحكم ـ بين شعوب العالم، بما تكفله من حريات للأفراد والجماعات وما تخلقه من حقوق وضمانات، إلا أنها ظلت مرفوضة بالنسبة للجماعات الاسلامية التي ظلت متمسكة بالاصولية الشرعية التي وضعها الفق
ورغم هذا فان الديمقراطية في كل انحاء العالم تتسخ وتنتشر وتزدهر بما فيها الدول العربية الاسلامية وغيرها من الدول الاسلامية.
الاخوان المسلمين وجميع تنظيمات واحزاب وجماعات وتيارات الاسلام السنية والشيعية ضد الديمقراطية وتعتبرها *وفق ما اقره فقهاء الاسلام خروجا على الدين تصل الى حد الكفر - حيث ينص الفقه الديني على طاعة الحاكم - ولي الامر - حتى لو كان ظالما قاهرا سفاحا وان الملك هبة من الله ويستحدموا الاية قال تعالى :
اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
لاخراس من يدعو للديمقراطية مستعينين بتفسير كبارالمفسرين كالطبري مثلا الذي يفسر الاية على النحو التالي :
القول في تأويل قوله : مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ قال أبو جعفر: يعني بذلك: يا مالك الملك، يا منْ له مُلك الدنيا والآخرة خالصًا دون وغيره، كما:- 6789 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قوله: " قل اللهم مالك الملك "، أي رَبَّ العباد الملكَ، لا يقضى فيهم غيرك. (30) * * * وأما قوله: " تؤتي الملك ممن تشاء "، فإنه يعني: تُعطى الملك من تَشاء، فتملكه وتسلِّطه على من تشاء. وقوله: " وتنـزع الملك من تشاء "، يعني: وتنـزع الملك ممن تشاء أن تنـزعه منه، (31) فترك ذكر " أن تنـزعه منه "، اكتفاءً بدلالة قوله: " وتنـزع الملك ممن تشاء "، عليه، كما يقال: " خذ ما شئتَ = وكنْ فيما شئت "، يراد: خذ ما شئت أن تأخذه، وكن فيما شئت أن تكون فيه؛ وكما قال جل ثناؤه: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ [سورة الانفطار: 8] يعني: في أيّ صورة شاءَ أن يركبك فيها ركبك. (32)
وبهذا المعتى الفقهي فان تملك السلطة يتم بقرار من الله ولا يجوز اطلاقا معارضة ما اقره الله
اما المفاهيم الديمقراطية فجوهرها الرئيسي والاساسي هو ان اغلبية الشعب هي من تقرر وهي التي تختار وهي التي تعطي السلطة لهذا او لذاك وتنزعها عن هذا او ذاك .
وتعتبر الديمقراطية في المفاهيم السياسية والاجتماعية والفلسفية المعاصرة هي صمام الأمان الذي ينظم اليات عمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية .. وتحدد مهام رئيس الدولة بما ينص عليه الدستور ..
والديمقراطية تمنع استبداد "الاقلية الحاكمة – وكل سلطةٍ غَلَبةُ أقلية – ويمنعها من تجاوز المكتسبات والحقوق التي نالتها الأكثرية المحكومة (الشعب) وهي حقوقا مكرسة بنصوص دستورية وقانونية، كالانتخابات، والمساواة أمام القانون بين جميع المواطنين والمواطنات، أفرادا، وحق المساءلة القانونية والسياسية… ومراقبة الموازنات وحسابات للمال العام، والتصدي لاي نوع من انواع سلب الاكثرية المحكومة (الشعب) من حقوقها اوتعطيل العمل العام وعدم التطاول او المساس بحرية الإنسان وكرامته.
ولعل رفض السلفيين للمشاركة السياسية في مجتمعاتهم ينبع من رفضهم للمنظومة الأيديولوجية الكلية التي تحكم وتسير هذا العمل، وعلى رأس هذه المنظومة تبرز "الديمقراطية" كنظرية سياسية سائدة، ناصبها السلفيون العداء وانتقدوها وأصلوا لهذا النقد تأصيلاً شرعياً، فلم يكن رفضهم رفضاً عبثياً بل انطلق من فروق جوهرية تصادمت فيها "الديمقراطية" مع النظرية السياسية في الإسلام.
ففي كتابه "حكم الإسلام في الديمقراطية" يقول عبد المنعم مصطفى حليمة: "فالديمقراطية ليست هي خيارنا الوحيد ـ كما يقولون ـ بل خيارنا الوحيد هو الإسلام.. وأي خيار نرتضيه غير الإسلام؛ يعني الانسلاخ كلياً من دين الله تعالى والدخول في دين الطاغوت"
ويقول الدكتور علاء بكر : "والإسلام يجعل الهداية في شرع الله - تعالى- ويستمد قوانين الأمة منه، في ظل ثوابت عقائدية وأخلاقية وتعبدية لا تتغير ولا تتبدل، ومنهج لمعاملات الأمة يجمع بين القواعد العامة وبعض التفصيلات تراعى صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، ونظام للعقوبة رادع يضمن للأمة الأمن والأمان، والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد يؤهل المجتمع للتماسك والتواد والتواصل".
0 تعليق على موضوع : جماعات الاسلمة ضد الديمقراطية // يسرى المرزوق
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات