دحض ورفض ثقافة المؤامرة - العامل الذاتي هو الاساس
في دحض ورفض ثقافة المؤامرة
د. ندى الغاد
ما زالت القوى و الأطراف السياسية والمثقفون في منطقتنا العربية عموماً، يتقاذفون الاتّهامات والاتّهامات المضادة، باستخدام مصطلح المؤامرة حيث ما زالت ثقافة المؤامرة راسخة بعمق في العقل والوجدان والمشاعر العربية وتقوم بدور عظيم في تفسير الاحداث ومجرياتها
وهي من وجهة نظري ثقافة تبريرية مضللة ترمي الى ابعاد المسؤولية عن الذات وتلقيها خارج الحدود
وتتجاهل بتعسف العلاقة بين العوامل الخارجية والعوامل الداخلية في تطور المجتمعات سلبا او ايجابا
ولاصحاب ثقافة المؤامرة انداد معارضون يعتبروا ان العامل الذاتي هو الاهم في تقرير اوضاع المجتمع
فلندخل في تفسير رؤبة الفريقين
اولا : فريق ثقافة المؤامرة /العامل الخارجي سبب التخلف
هذا الفريق يرى أن الأولوية في حسم مسار التطوّر تعود إلى العوامل الخارجية؛ وغالباً ما تمّ النظر إلى روّاد المدرسة الفكرية المعاصرة المسماة بمدرسة «التبعية»، على أنهم يحبّذون هذا الرأي.
وبالفعل إن الشطر الأعظم من أولئك الرواد في المعنى الواسع لتلك المدرسة بما فيها أعلام «التطور غير المتكافئ» و«التبادل غير المتكافئ» وخاصة أريجي إيمانويل وإيمانويل والرشتين والمفكر المصري سمير أمين، والغالبية الساحقة من المفكرين العرب بل وكذلك راؤول بريبيش، إنما يميلون عامةً، في صدد تفسير ظاهرة التخلّف، إلى تغليب دور العامل الخارجي بالمقارنة مع العامل الداخلي.
ذلك أن استقرار علاقة (السيطرة/التبعية) بين الدول الأكثر تقدماً، ذات النظم الرأسمالية، وصاحبة سياسات الهيمنة، دول شمال وغرب أوروبا طوال العصور الحديثة حتى الحرب العالمية الثانية، ثم الولايات المتحدة الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب، وبين البلدان النامية – المستعمرات سابقاً – إنما هي – لديهم – المسبّب الرئيسي لظاهرة «التخلّف» في القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
وعلى ذلك جرى التحليل العام لأولئك الرواد، من قبيل أليخاندرو نادال، وأوزفالدو سونكل، ولولا دا سيلفا وآخرين
الفريق الثاني // تداخل العاملين الخارجي والداخلي لكن الغلبة للداخلي
ان رواد نظرية «التبعية» أكّدوا على أهمية العلاقة الديالتيكية، متبادلة التأثير عبر الزمن، بين العاملَين الخارجي والداخلي، ومن أهمهم أندريه جوندر فرانك في كتابه «التراكم التابع» وكانت له مساهمة ملحوظة في تطوير مقولة «تنمية التخلّف» أو «تطور التخلف»
وعلى ذلك سار بعض البحّاثة العرب مثل الجزائري عبد اللطيف بن أشنهو في كتابه «تكوين التخلف»، ومعه الدكتور محمد دويدار، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة الإسكندرية – بدءاً من كتابه «الاقتصاد السياسي» والذي ذاع ذكره في التدريس الأكاديمي لمبادئ علم الاقتصاد في الجامعات الجزائرية خلال عقد السبعينات وما بعدها، وخاصة إبّان وجوده هناك.
ويرى الفريق الثاني انه ولولا استناد العامل الخارجي على القصور وضعف وتشوه العامل الذاتى العربى وعجزه عن بلورة واقع قادر على المقاومة
مفهوم التخلف
مفهوم التخلف: هو حالة سكون وبُطء تصاحبُ عمليات التنمية نتيجة لعدم قدرة النخب والقيادات السياسية والاقتصادية مجتمعةً على صياغة نظرياتٍ ومفاهيم ذات رؤى علمية وعملية في تحسين الواقع العربي إلى الأفضل، حيثُ إن توفر الإمكانيات والموارد المالية إلى جانب الوسائل الفنية والبشرية بدون استحالة تطبيقها على أرض الواقع لن يجدي شيئًا في تحسين البُنى الاقتصادية والاجتماعية للإفراد القاطنين في تلك البلاد
ويعدّ التخلف النقيض الأساسي لمفهوم التنمية، حيثُ إن الدول العربية مجتمعةً لم تنجح في أن تبرز مفهومًا رئيسيًا للتنمية تستطيع من خلاله تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي لشعوبها؛ لأنها قامت على ما يسمى بنظرية الإحلال، ألا وهي إحلال النظريات الغربية داخل البُنى والبيئات العربية آملًا في تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وتطبيق مفاهيم تنموية ترغبُ من وراء ذلك تحقيق إنعاشٍ اقتصادي ينعكسُ بدوره على المواطن العربي.
وأمام هذا الفشل الذي مُنيت به النخب والقيادات العربية في تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي لأفرادها، كان لا بد لهذا المفهوم أن يَبقى مُهيمنًا على الساحة العربية إلى يومنا هذا دون وجود أيّ استراتيجيات أو حلول منطقيةٍ نابعةٍ من الداخل تحاول أن تفكك هذا المفهوم، وتجد البدائل ذات الصيغ العملية في الارتقاء بالواقع الاجتماعي والاقتصادي إلى الأفضل.
هل أعجبك الموضوع ؟
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif
0 تعليق على موضوع : دحض ورفض ثقافة المؤامرة - العامل الذاتي هو الاساس
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات