شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

الحراك الجزائري اقتصادي بامتياز



السياسات الخاطئة لحكومات اعتادت تدفق الأموال إلى خزائنها، دونما حاجة لبذل الجهد، أبقت القطاع الإنتاجي في الجزائر هامشيا، لا يمثل أكثر من 5 بالمئة من عائدات الخزينة.

الجمعة 2019/03/29
الأزمة ليست في بوتفليقة بل في النظام برمته
بات الجيش الجزائري واثقا على ما يبدو من إنهاء حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي ساهم في وصوله إلى السلطة قبل 20 عاما، بعدما كسب دعم حلفائه الرئيسيين، لكن المتظاهرين رفضوا خطة خروجه مطالبين بالإطاحة بالنخبة السياسية برمتها، ضمن موجة غضب انفجرت نتيجة تراكم سنوات من العجز الاقتصادي والترهل السياسي وتقلص فرص الاستثمار ومحدودية سوق الشغل في بلد عضو في منظمة أوبك ويمتلك واحدا من أكبر احتياطيات الغاز في العالم فشل في معاجلة التدهور الاقتصادي الذي يعيشه منذ الهزة التي شهدتها أسعار النفط في 2014.
هل ستنتهي مشكلات الجزائر بتنحية الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة جانبا؟ على العكس.. ستبدأ من تلك اللحظة.
يشكل خروج رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إلى العلن، مطالبا بتطبيق المادة 102 من الدستور تمهيدا لعزل الرئيس، اعترافا ضمنيا بأن المؤسسة العسكرية هي التي أدخلت بوتفليقة إلى القصر، وهي التي تخرجه، وأن لا شيء تبدل.
مخطئ من يعتقد أن مشكلة الجزائريين مشكلة سياسية.. هكذا أرادوا لنا أن نعتقد، ولكن الحقيقة غير ذلك.
الشعب في الجزائر لا يطرح إسقاط الرئيس، بل كما قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في مقال لها، الشعب يريد تمهيد الطريق لما بعد بوتفليقة.
ولكن، ماذا بعد بوتفليقة.. لمعرفة ذلك لا بد من قراءة الأوضاع الجزائرية التي أدت إلى خروج الجزائريين إلى الشارع.
سمح النظام الجزائري بخروج احتجاجات جماهيرية إلى الشارع على أمل أن تبقى محدودة، وتجري تحت سيطرته إلى أن تهدأ التوترات، مستخدما قمعا محدودا، مكررا بذلك إستراتيجية طبقها عام 2011 ضد حركات احتجاجية جرت بتأثير من تحركات الربيع العربي في دول الجوار.
خرج بوتفليقة حينها على شاشة التلفزيون الوطني، متعهدا بإجراء إصلاحات لامتصاص غضب الشارع. واستخدم الاحتياط المالي لزيادة الأجور ودعم أسعار الواردات الغذائية، إلا أن خزائن البنك المركزي اليوم فارغة، أو على وشك أن تفرغ، وليس في جعبة الحاوي أو جعبة النظام ما يرضي المحتجين.الشارع والمعارضة أجمعا على رفض العرض الذي قدّمه العسكر، لأن النوايا واضحة، التستر على الفاسدين، وتغطية ماء المستنقع بحفنة من أوراق الورود.
المحتجون يصرّون على محاسبة الفاسدين، واسترجاع الأموال المنهوبة، وتقليص الفوارق الاجتماعية، وتوزيع عادل للثروة، وحل مشكلات المعيشة اليومية.
تتصدر الجزائر التصنيفات العالمية في انتشار الفساد، ووفقا لمدركات الفساد لعام 2017 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية احتلت الجزائر المرتبة الـ112 من أصل 180، والمرتبة الـ92 من بين 127 دولة في مؤشر “الشاوى”.
Thumbnail
وحسب نفس المنظمة فإن 69 بالمئة من الجزائريين يرون أن الجهود التي تبذلها حكومتهم في محاربة الفاسدين صورية يراد بها حجب الحقيقة.
السلطة السياسية في الجزائر محصورة بيد فئة صغيرة من رجال الأعمال، تتمتع بنفوذ كبير، وشبكة مصالح واسعة، وصلت في عهد الوزير الأول السابق عبدالمالك سلال (2012 /2017) إلى ما بات يطلق عليه “الحكومة الموازية”.
وعندما تجاسر الوزير الأول عبدالمجيد تبون وكشف عن نواياه لتبني خطة تهدف لإيجاد بدائل للموارد المالية المتراجعة، منبها إلى ضرورة فصل المال عن السياسة، أبعد من منصبه بعد 83 يوما من توليه. (استلم المنصب رسميا يوم 25 مايو 2017، وأقيل يوم 15 أغسطس 2017 ليخلفه أحمد أويحيى).
كان تبون يرى أن من حق المواطن أن يخوض مجال الأعمال أو مجال السياسة، أو يمارس النشاطين لكن دون الجمع بينهما في وقت واحد “سنفرق بين المال والسلطة، وليسبح كل في فلكه”.
انتهت النوايا الطيبة للوزير الأول قبل أن تبدأ، وأقصي من منصبه قبل أن يتحقق له القضاء على زواج المال والسياسة. فاز رجال الأعمال وحيتان السلطة، وخسرت الجزائر.
لم تبذل الحكومات التي تعاقبت على الجزائر أي جهد لتنويع مصادر الدخل، مكتفية بما تجنيه من عوائد قطاع المحروقات، 95 بالمئة من إيرادات الخزينة تأتي بشكل أو آخر عن طريق قطاع الطاقة. لتحدث الصدمة عام 2014، مع تهاوي أسعار النفط، وتفقد البلاد أكثر من نصف إيراداتها من العملة الأجنبية. انخفضت العائدات من 60 مليار دولار عام 2014 إلى 27.5 مليار دولار عام 2016.
السياسات الخاطئة لحكومات اعتادت تدفق الأموال إلى خزائنها، دونما حاجة لبذل الجهد، أبقت القطاع الإنتاجي في الجزائر هامشيا، لا يمثل أكثر من 5 بالمئة من عائدات الخزينة.
Thumbnail
ولم تحمل توقعات صندوق النقد الدولي للجزائر لعامي 2019 و2020 أخبارا سارة للطبقة الحاكمة، حيث توقع الصندوق تراجع معدلات النمو، عازيا ذلك إلى خفض الإنفاق الحكومي، متنبأ بسنوات عجاف صعبة، لن تتجاوز فيها نسبة النمو 1.8 بالمئة عام 2020، وإن كان خبراء اقتصاديون يؤكدون أن توقعات صندوق النقد متفائلة.
إضافة إلى ذلك، عدّد صندوق النقد عشرة مخاطر تعيق قطاع المال والاستثمار، منها البطالة ونقص فرص التوظيف، وصدمة محتملة في أسعار الطاقة، واختلالات في الخدمات المصرفية والهيئات الإلكترونية، التي تكشف حسب تعبيره عن هشاشة في الأنظمة المعلوماتية، إضافة إلى تقادم البنية التحتية، وأخيرا التهديدات الأمنية.
وبدلا من التصدي لهذه المخاطر والمعوقات، اختارت الحكومة الطريق السهل، معمّقة الحفرة التي وجدت نفسها فيها. سارعت، رغم التحذيرات، إلى طباعة النقود. وحسب أرقام البنك المركزي الجزائري، تم طبع ما يعادل 40 مليار دولار من العملة المحلية خلال عام 2018، أقرضها البنك للخزينة العمومية على شكل قرض طويل الأمد، تلافيا للاقتراض الخارجي.
المبالغة في هذا المسار دفعت معدلات التضخم للارتفاع، وبحسب رئيس الحكومة المستقيل أحمد أويحيى، فإن حجم التمويل الإجمالي من خلال عملية طبع النقود، تجاوز 65 مليار دولار. أرقام ستقود البلاد إلى تكرار السيناريو الفنزويلي، كما يؤكد خبراء. فالكتلة المالية المطبوعة ليس لها مقابل في الخزينة، إلا السراب، والأرقام لا يقابلها إنتاج حقيقي.
69 بالمئة من الجزائريين يرون أن جهود محاربة الفاسدين صورية يراد بها حجب الحقيقة
تأخذ الطبقة الوسطى والمعارضة على حكومة بوتفليقة أنها أضاعت الفرصة لتحويل البلاد خلال السنوات الماضية، إلى واحدة من أسرع دول العالم نموا وجذبا للاستثمارات الداخلية والخارجية. فالجزائر تمتلك فرص استثمار كبيرة، خاصة في مجال الطاقة والخدمات المالية والتأمين والعقارات والاتصالات والسياحة.
بل يذهب هؤلاء إلى القول إن الجزائر تمتلك فرصا أكبر مما امتلكته دول خليجية تحولت خلال سنوات بفضل سياساتها الاقتصادية إلى مراكز عالمية للاستثمار وجذب رؤوس الأموال. ويشيرون أيضا إلى دول جنوب شرق آسيا، التي تحوّلت إلى نمور اقتصادية خلال عقود قليلة، رغم شح الموارد الطبيعية، ويسوقون ماليزيا وتايوان وكوريا الجنوبية مثلا على ذلك.
اليوم يجد الجزائريون حكومتهم غارقة في الديون، وهي التي تمتلك واحدا من أكبر احتياطيات الغاز في العالم، يقدر بـ30 ألف مليار متر مكعب، واحتياطا نفطيا يقدر بأربعة مليار طن، وتحتل المركز السابع عربيا في احتياط النفط الخام.
على مدى عقود طويلة تسلحت السلطة في الجزائر بالمال، وتسلح رجال الأعمال بالسلطة، ما وصفه البعض بـ”زواج مصلحة” تمخض عن كائن مشوه غارق بالفساد.. والجزائر اليوم في طريقها، إن لم تحدث معجزة، لتصبح “دولة فاشلة”، قد تغري المجتمع الدولي قريبا لفرض الحجر عليها.
نعم، الحقيقة في الجزائر غير ما أريد لنا أن نظن.

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : الحراك الجزائري اقتصادي بامتياز

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017