ظلَّ خطاب الإنقاذ في مواجهة الشعب يتدرج من المنّ إلى الاستفزاز وصولاً إلى التهديد، التهديد بالإبادة وقطع الرؤوس.. في بواكير سنواتها وحينما كانت على قلب رجل واحد وأحكمت سيطرتها على مفاصل الدولة عبر سياسة التمكين وتأسيس الأجهزة الموازية، اغترت وظنت أن هذا الوطن ملكها، وكأنها فازت به في عطاء، وفعلياً مرت بمحكات وأزمات كبيرة لكنها كلما تعثرت كشفت عن حقيقتها.
في أول حراك في الشارع عام 2013م واجهت السلطة العزل بالرصاص، مباشرة لم تتدرج ولم تتوانَ في القتل ووصف الضحايا الذين غطت دماؤهم الشوارع بالمخربين. مارست أعلى درجات العنف تجاه العزل الذين يخرجون إلى الشوارع ولا يملكون سوى هتافات تطالب بالحياة التي يستحقونها.
حينما خرجت الدعوات لعصيان مدني في 2016م ووجدت تلك الدعوات استجابة خرج نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن بقوله "إن المحرضين على العصيان ليس لديهم مكان في السودان وأنهم خونة وعملاء".
سخط وغضب أثارته تصريحات متتالية لقيادات الحزب الحاكم السابقة والحالية. علي عثمان طه نائب الرئيس السابق يظهر في توقيت الطوارئ محاولاً تقديم نفسه سنداً، دارس القانون يهدد بصريح العبارة بوجود كتائب ظلت قادرة على أن تفدي النظام بأرواحها، ويربط الناس تصريحاته بالقتل الذي حدث في أم درمان بعد ساعات من تصريحه. أياً كانت وجهة رسائل القانوني لكن التصريح جاء في سياق مواجهة الشارع وهكذا فهمه الجميع.
رئيس قطاع الفكر والثقافة في الحزب الحاكم، الفاتح عز الدين، يهدد بقطع رؤوس المتظاهرين حاملي السلاح، وهو يعلم أن حاملي السلاح تذهب إليهم الحكومة صاغرة لمفاوضاتهم في فنادق عواصم الدول الأفريقية والأوروبية، وللفاتح سجل حافل بالتصريحات التي على هذه الشاكلة، لكن إن كان من يشغل رئاسة قطاع الفكر والثقافة خطابه لا يتخطى مفهوم "الرجالة"، فكيف يكون خطاب من يشغلون قطاعات التعبئة والتجييش؟ وكيف لحزب أن يقدم إنتاجاً فكرياً وثقافياً وهو يهدد بقطع رؤوس شعبه.
القضية ليست فقط في ما إن كان هناك قيمة لحديث الفاتح أو علي عثمان، وما إن كان للرجلين تأثير داخل أجهزة الدولة أو لا.. القضية أن هذه المواجهة ليست مع عدو، هي مع الشعب، الشعب الذي يدفع راتب وامتيازات أُسر الذين يهددونه ويقتلونه في الشوارع تشفياً وعبثاً.
هذه الحكومة تقدم يومياً عشرات الأسباب لذهابها الآن.
-----------
شمائل النور
كاتبة سودانية
0 تعليق على موضوع : في مواجهة الشعب..!! // بقلم : شمائل النور
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات