في الوقت الذي تلف فيه عدداً من العواصم العربية غيومُ وسحاباتُ داكنة تتربصُ بها، وتعوقُ الرؤى والمبادرات السياسية وتعرقل الخطط الاقتصادية والتنموية فيها،ها هي بيروت رغم كل المصاعب التي تحيط بها، تسعى لاستضافة وتنظيم القمة الاقتصادية العربية الرابعة في التاسع عشر من الشهر الجاري تحت شعار «الإنسان محور التنمية». هذا الشعار يأتي تأكيداً على أن الإنسان العربي هو أساس، وهدف، ووسيلة التنمية، وتذكيراً بأن أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، يجب أن تركز على الإنسان.
لكن إذا كان الشعار هو «الإنسان محور التنمية»، فإن علينا مناقشة وطرح القضايا المتعلقة بالحقوق الأساسية للإنسان العربي والتي بلا جدال تتمثل أولاً في الحق في الغذاء الصحي الذي يقيم أوده، هذا في ظل زيادة معدلات الفقر في معظم الدول العربية حيث يبلغ عدد من يرزحون فيها تحت خط الفقر المدقع، وفقاً للتقارير، أكثر من 55 مليون نسمة.
وثانياً الحق في التعليم الحقيقي الذي يمحو أمية المواطن العربي ويزوده بالمعارف والمهارات اللازمة للحصول على العمل الذي يتناسب مع مؤهلاته، بخاصة أن عدد من لا يعرفون القراء والكتابة في العالم العربي حالياً، يقدر بحوالي 70 إلى 100 مليون نسمة، يُمثلون ما نسبته 27 في المئة من مجمل السكان البالغ 360 مليون نسمة.
وثالثاً الحق في المسكن الصحي المناسب لعدد أفراد الأسرة حيث تعتبر مشكلة السكن من أهم المشكلات، إذ تتزايد درجة التـزاحم وترتفـع الإيجـارات نتيجـة ارتفـاع قيمـة الأرض وارتفـاع معـدلات الهجـرة الريفيـة وزيـادة حـدة المضـاربات لعمليـات البنـاء. هـذه العوامـل مـن شـأنها أن تـؤدي الى أزمـات وعواقـب اقتصـادية واجتماعيـة خطـيرة، ووطننا العربي يعاني الكثير من جراء مشكلة السكن.
خامساً: لم لا تبحث القمة أسباب وسبل وقف نزيف العقول العربية إلى مختلف دول العالم؟ فالتقارير الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الدول العربية تشير إلى أن أكثر من مليون ونصف المليون خبير واختصاصي عربي يعملون فى الدول المتقدمة، بينهم600 ألف من حملة الشهادات العليا.
كما تشير الدراسات إلى أن 54 في المئة من الطلاب العرب الذين يهاجرون لمواصلة دراساتهم الجامعية في الغرب لا يعودون إلى بلدانهم الأصلية. وأن عدد الأساتذة الجامعيين العرب المهاجرين وصل إلى 400 ألف أستاذ في مجال العلوم الهندسية والتطبيقية، و300 ألف أستاذ في مجال العلوم الحيوية والزراعية، و190 ألفاً في مجال العلوم التجريبية والعلوم الصحية، و150 ألفاً في مجال
العلوم الإدارية.
فالوطن العربى يسهم بنحو31 في المئة من مجموع الكفاءات والعقول التي تهاجر من البلدان النامية نحو الأقطار الغربية، كما أن نحو 50 في المئة من الأطباء، 23 في المئة من المهندسين، و15 في المئة من العلماء العرب يفضلون الهجرة على البقاء في أوطانهم العربية، وتستقطب الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وكندا نسبة 75 في المئة من العقول العربية الإبداعية المهاجرة. وبمناسبة القمة الاقتصادية إلى أين وصلت اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى التي وقعتها 17 دولة عربية في عمان عام 1997 لإنشاء سوق عربية مشتركة وإنشاء منطقة تجارة حرة عربية. لقد دخلت منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى حيز التنفيذ ابتداءً من أول كانون الثاني (يناير) 2005.
جدول أعمال القمة الاقتصادية العربية المقبلة في بيروت، يعج بعناوين كبيرة تتعلق بالإطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020-2030، والمحفظة الوردية، وهي مبادرة إقليمية لصحة المرأة، والإستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء إلى جانب مقترح مقدم من مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب حول عمل الأطفال في المنطقة العربية، وموضوع الارتقاء بالتعليم الفني والمهني في الوطن العربي، وبرنامج إدماج النساء والفتيات في مسيرة التنمية بالمجتمعات المحلية.
لقد استضافت دولة الكويت القمة العربية الاقتصادية الأولى في عام 2009.، وسعت القمة الاقتصادية الثانية يائسة.. وسط دخان وضجيج انتفاضات الشارع العربي في تونس ومصر وغيرهما إلى الالتئام في مدينة شرم الشيخ في عام 2011.، وتزامناً مع امتداد ألسنة حريق انتفاضات الشارع العربي إلى سورية واليمن وليبيا عُقدت القمةُ الاقتصاديةُ الثالثة في العاصمة السعودية الرياض في عام 2013.لم تتمكن القمة الاقتصادية العربية من المحافظة على دورية انعقادها منذ قمة الرياض. وها هي اليوم من جديد تواجه هذه القمة النوعية ذات التحديات الالقديمة والتي أضيفت إليها تحديات أفرزتها الحرائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أشعلتها إما أطراف محلية أوإقليمية أودولية، أو كلهم معاً.
* كاتب مصري
0 تعليق على موضوع : قمة بيروت الاقتصادية بين الضروري والتقليدي // بقلم : نبيل نجم الدين
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات