التقاليد والعادات الموروثة تتشابه عند اتباع الاديان / عيد الفصح نموذجا

أن المجتمعات عموما تُغلّب الحكم بقوانين البشر (العادات والتقاليد) على الدين.. رغم الادعاء بالالتزام بالدين ، وتتمسك بالموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد حتى وإن كانت بالية وربطها على أنها من الدين.
ويرى البروفيسور الأردني خالد عبدالرؤوف الجبر الباحث والاستاذ في جامعة البتراء الأردنية أن تداخل التعاليم الدينية مع العادات والتقاليد أدى إلى أن يكون الحكم الديني في الكثير من الحالات أسهل وأيسر وأخفّ من حكم العادات والتقاليد، مشيراً إلى أن بعض العادات والتقاليد في المجتمعات العربية تتعارض أساساً مع أحكام الدين.  

ولقد غفل هؤلاء بأن التدين إذا كان مبنيا على العادات وحدها فإن العادات عادة ما تكون غير ثابتة تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان. فلو تغيّرت العادات والتقاليد أو انهارت لانهار التدين القائم عليها.


لكن بعضا منها يظل ثابتا مع تغير ما يصاحبه من انشطة
وكنموذج على ذلك نجد مثلا عيد الفصح المسيحي يقابله عيد الفصح اليهودي وايضا خميس البيض عند المسلمين وايضا عيد النيروز عند الفرس والكرد
بعض التفاصيل

من طقوس عيد الفصح المسيحي
هو تقليد صبغ البيض باللون الاحمر ,, او بالوان وزخرفات متنوعة
تقوم بها ألامهات قبل يوم العيد ,, ويتم سلق البيض بكميات كثيرة
وصبغها لغرض توزيعها على الاهل والاحبة والاقارب وخصوصاً الاطفال
في يوم العيد وبعد القداس مباشرةً .
وهذا التقليد لايزال متبعاً الى يومنا هذا .
فبالرغم من وجود البيض الملون بالمحلات الا إنه الفرحة تكون اكثر
بعمله في البيت وسط لمة الاطفال

البيض الملون في عيد الفصح

يؤمن المسيحيون بقيامة السيد المسيح من الموت بعد دفنه بثلاثة أيام. وانتصاره على الموت وخرج من القبر حياً. كذلك هذه البيضة هي كالقبر وما فيها هو ميت بحد ذاته، لكن من هذه البيضة تخرج حياة وهي الصوص الصغير الذي يصبح فيما بعد دجاجةً أو ديكاً.
لذلك فالبيضة هي رمز لحياة جديدة تخرج من الموت، لذلك نقوم بتلوينها وبإعطائها للأولاد كرمز لقيامة السيد المسيح من الموت


من طقوس عيد الفصح اليهودي
الامتناع عن الخمير
معظم تقاليد العيد مأخوذة من وصفة في التوراة مع التفاسير التي أضيفت إليها عبر العقود. ومن أبرز مميزات العيد هو الامتناع عن أكل الخبز أو أي طعام مصنوع من العجين المختمر، وبدلاً من الخبز يؤكل الفطير غير المختمر المختبز للعيد بشكل خاص، ويسمى هذا الفطير بـ"ماتْساه" . ويشرح سفر الخروج هذا التقليد كرمز لاستعجال بني إسرائيل عند خروجهم من مصر حيث لم يتمكنوا من الانتظار لانتفاخ العجين عندما أعدوا مؤونتهم.

حسب الشريعة اليهودية المعاصرة على كل يهودي التخلص من كل المأكولات المصنوعة من عجين مختمر قبل حلول العيد وأن يقوم بحرق ما يبقى من هذه المأكولات في طقس يقوم به عشية العيد عبارة عن استعداده لأداء وصايا العيد.

خميس البيض عند المسلمين مثل عيد الفصح المسيحي

خميس الأموات أو خميس الأسرار أو خميس البيض، وهو الجمعة الثانية من شهر نيسان هو يوم العيد المشترك بين المسيحيين والمسلمين في بلاد الشام.
يتم الاحتفال به في يوم ما ما بين أيام الأحد الفصح للتقاليد المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية. إنه يوم يتم فيه تكريم أرواح الموتى.

وقد كان للبيض قداسة عند الفراعنه والكنعانيين والصينيين والهنود والفرس واليونان والرومان، فكانوا يعتبرونها تفتحاً للحياة، ويقيمون لها أعياداً.
وفي يوم الخميس الثاني من شهر نيسان يجري الاحتفال بذكرى الأموات وهناك من يعتقد أن روح الميت تعود له يوم الخميس، ويذهب الجميع لزيارة القبور والمقامات،
وت تلوين البيض بالألوان الزاهية يصبغ البيض بأوراق اللوز والعصفر وقشر البصل وتوزع كصدقة عن أرواح موتاهم وفيها فرحة وسرور للأطفال ويعتقد الناس أن توزيع البيض يسكب الثواب لموتاهم وكان الناس في يوم خميس الأموات أو خميس البيض حيث يجتمع الرجال باب الجامع أو الساحات العامة وتبدأ بمطاقشة البيض وهي عبارة عن مقامرة رجلين مع كل منهما كمية كبيرة من البيض وصاحب البيض السليمة يعتبر هو الرابح بعد المطاقشة .

وبعد صلاة العصر يدعى الناس والمشايخ والقراء للطعام بعد تلاوة القرآن على أرواح أمواتهم حتى صلاة المغرب وبعد الصلاة يتناولون الطعام ويسمونه العشاء وهذا خاص بمن توفى بعد الخميس منذ عام أو خلال العام والمقتدر ماديا يقدم هذا العشاء عن أرواح الأموات في كل عام .

وكان من عادة الناس أن يقيموا الوليمة ويقرأون القراء ، عن روح أمواتهم وتزور النساء القبور يحملن الزلابية والكعك والفطائر عن أرواح الأموات .

عيد النيروز

ان عيد اليروز هو عيد قديم عند الفرس والكرد وبعض الاقوام الاخرى
فالنَّوْرُوزُأو النَّيْرُوزُ هو عيد رأس السنة الفارسية ويصادف يوم الاعتدال الربيعي أي الحادي والعشرين من آذار/مارس في التقويم الميلادي.

يعتبرالعيد أكبر الأعياد عند القومية الفارسية ويُحتفل به في إيران والدول المجاورة كأفغانستان وتركيا ويحتفل به الأكراد خاصة في شمال العراق. تعود جذور النوروز جزئيا إلى التقاليد الدينية المجوسية لكن الاحتفال بهذا العيد بقي حتى بعد الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس ومستمر إلى يومنا هذا.
«نو»تعني جديد بالفارسية و «روز» تعني يوم، فتأتي نوروز مجتمعة بمعنى اليوم الجديد.وقدعربت قديما وظهرت في المعاجم التراثية مثل لسان العرب باسم «النيروز».

في العصورالقديمة

نقشٌ بارز لِأسدٍ وثورٍ يتقاتلان في تخت جمشيد - واعتُبر إحدى رُموز الاعتدال الربيعي -حيثُ أنَّ قُوَّة الثور (الذي يُمثِّل الأرض)، والأسد (الذي يُمثِّل الشمس)، تبقى مُتساويةإلى الأبد.

يروى أن الملك الفارسي جمشيد، وكان يدعى جم، كان يسير في العالم، وحين وصل إلى أذربيجان أمر بنصب عرش، وحين جلس عليه أشرقت الشمس وسطع نورها على تاج وعرش الملك فابتهج الناس،وقالوا: هذا يوم جديد. ولأنّ الشعاع يقال له في البهلويّة: (شيد) أضيفت الكلمة إلىاسم الملك فأصبح جمشيد، وقيل بأن هذا أصل الاحتفال بهذا اليوم.

وتحكي النقوش الأثرية والأدب الإيراني عامة عن احتفال الساسانيون، وهم من حكموا بلاد فارس قبل الإسلام، بيوم النوروز، حيث كان قد وضع تقويمها على أساس الحسابات التي أجراها الكهنة البابليّون والمجوس الإيرانيّون المقيمون في بابل عن طريق رصد النجوم، غير أن يوم النوروز لم يكن ثابت في ذلك الزمان حيث لم يراعى أصول الكبيسة وحدوث الاختلاطات.

ما بعد الإسلام

لم يحظ الاحتفال بالنوروز بعناية في صدر الإسلام، لكن بدأ الخلفاء الأمويّون يوزعون الهدايا على الفرس في أيّام النوروز وقيل أن الحجاج بن يوسف الثقفي هو أول من قدم هدايا النوروز في الإسلام، وقيل أن عمر بن عبد العزيز ألغى هذه المراسيم. لكن تقديم الهدايا للفرس استمر في زمن الدولة العباسية، التي قامت على أكتاف الأعاجم، فعلى سبيل المثال أهدى أحمد بن يوسف الكاتب للخليفة للمأمون سفط من الذهب. ولم يكن يوم النوروز ثابت في ذلك الزمان

============
د. فاطمة السروجي 
باحثة وكاتبة مغربية