لم يكن كشف النقاب عن مضمون «صفقة القرن» من قبل الفارسين المغوارين ترمب ونتانياهو بالمفاجئة لسماعنا مسبقاً تسريبات واحتمالات مجحفة تتعلق بالصفقة «المأفونة»، ولتوقعاتنا بانها ستكون شبيهة بسلسلة رفض إسرائيل المستمر لقرارات الشرعية الدولية من قرار242 بتشرين الثاني 1967 الذي الزم مجلس الأمن إسرائيل بالانسحاب إلى حدود حزيران 1967، إلى قرار 194 إلى 338 وغيرها تنادي بانهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وعودة اللاجئين..الخ دونما استجابة! \
ناهيك عن رفضها العمل بالاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية جنيف 1949 التي تحظر نقل المدنيين للسكن في المناطق المحتلة وتغيير ديموغرافية السكان، عِبر «شرعنة» تجاوزاتها من خلال مصادقة الكنيسة على مشاريع قوانين عنصرية مناهضة للشرعية الدولية وحقوق الإنسان يتم صياغتها وسنّها والتصديق عليها للتضييق على فلسطينيي الداخل والضفة الغربية وقطاع غزة..
ناهيك عن رفض إسرائيل الدائم لكل مبادرات الرؤساء الأميركيين من ريغان إلى بوش الأب وكلينتون وبوش الإبن وأوباما لأنها لا تتماشى وأطماعها حتى جاء «ترمب» بمبادرته التي رسمتها إسرائيل وصاغتها بنفسها بمساعدة «كوشنر» الذي لا يعلم عن السياسة شيئاً فهو–تاجر عقارات «سمسار أراضي» – زاعماً بأنه قرأ 25 كتاباً عن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.
فأية صفقة وهمية يتكلمون عنها مبررين فيها بان حروبهم التي خاضوها هي حروب «دفاعية» «تشرعن» لإسرائيل بضم الأراضي المحتلة؟ فالصفقة بمثابة احتلال آخر للبقية الباقية من الضفة الغربية بل مجموعة» إملاءات» صادرة من طرف واحد بغياب الأطراف المعنية!
فحتى تكون صفقة حقيقية–Deal–عليها أن تستوفي معاييرها الرياضية الإحصائية فهل تناسى عرابو صفقة القرن ماذا تعني الصفقة وما يرتبط معها من نظريات كنظرية الألعاب Game Theory ونظرية الاحتمالات «Probability theory» لاغين وجود مفاوضين آخرين كلاعبين فاعلين مثل الأردن وفلسطين المعنيين بالأمر. فالهدف من هذه الصفقة المعلنة هي انقاذ مصيريهْما- ترمب ونتنياهو- من محاكمتهما بالفساد وايضا ضمان فوزهما بالانتخابات في بلديْهما كهدف شعبوي يدوس على اصحاب الحق متناسين بأنه حتى تصبح الصفقة شرعية ومقبولة لا بد وأن تُرضي الأطراف المعنية المشاركة بالتفاوض..
لم نتفاجأ بمخرجات صفقة القرن وإن آلمنا الوضع العربي المتشرذم والفلسطيني المنقسم الذي سمح بهكذا صفقة كي ترى النور وتزحف نحو الأغوار وشمال البحر الميت.. فكم دعونا مراراً إلى ضرورة رأب الصدع بين غزة ورام الله الواقعتيْن تحت مظلة احتلال واحدة تبلع الأخضر واليابس بينما ينغمسون بصراعات داخلية تشغلهم عن وحدة الصف لتضعهم على حافة جرف هار عنوانها «نكون أو لا نكون»..
ولهذا فالمخرج الوحيد من هذا الانهيار هو «الوحدة لمقاومة الاحتلال» وكما يقولون رُبَّ ضارّة نافعة..فقد بدأت بوادر خارطة الطريق الفلسطينية تمد جسور التفاهم بين رام الله وغزة مناشدين الجميع كفانا تطبيقا سياسة عدونا– فرِّق تسُد–ضد أنفسنا وبأنفسنا!
hashem.nadia@gmail.com
عن الراي الاردنية
0 تعليق على موضوع : ترمب إذ يعقد الصفقة مع نفسه // بقلم : ناديا العالول
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات