الديمقراطية والأوهام // د.يسر الغريسي حجازي

 "الديمقراطية هي حكومة الشعب، من الشعب، الي الشعب". ابراهام لنكولن

لماذا يشعر الناس بالتلاعب بالمعلومات الخاطئة والتي تتداولها الصحف والاعلام الرقمي؟ لماذا نتحدث عن الديمقراطية عندما لا نزال بعيدين عنها وعن مبادئها؟ نحن عالقون اليوم في ديمقراطية وهمية، وانظمة سياسية متعددة الاحتيال التكتيكي من اجل ادامة السياسة الشمولية. من الضروري أن ندرك أنه بعد الانتفاضات العربية الشهيرة في تونس، و مصر، وليبيا، ولبنان الان، هناك بيئة مشحونة بالشكوك وكذلك أزمة ثقة المواطنين تجاه الأحزاب السياسية وإيمانهم بها فيما يتعلق بشعوبهم. لا توجد أزمة المواطنة فحسب، بل هناك أيضًا تلاعب كبير في مجالات المواطنة وتمسك المواطنين بالأنظمة الديمقراطية الحرة. بعد الثورات الشهيرة في الربيع العربي ، كانت الشعوب العربية تؤمن بتدمير النظام الديكتاتوري وظهور حرية جديدة تشمل مبادئ الديمقراطية، وكذلك حرية الشعوب. لقد امن الجميع بالمساواة والتكافل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لإطلاق نظام جديد، ومصفوفة تقوم على مبادئ القيم الأخلاقية والإخلاص في أساليب التمثيل السياسي. في النهاية، اكتشفنا نموذجًا سياسيًا جديدًا كاذبًا ومخادعا يرتكز على معلومات خاطئة حول التغيير الجذري لانهاء النظام السياسي والديكتاتورية.

إننا نواجه ميثاقًا سياسيًا شيطانيًا ساري المفعول، لإنشاء عملية ذات سيادة باسم الديمقراطية الاجتماعية وحقوق المواطنة. واصبح من الممكن التصديق بان هناك ديمقراطية شعبية و التحدث عن الديمقراطية، وفي ان واحد يتم تطبيق الديكتاتورية وتكميم الافواه بالابتزاز وتحت تهديد السلاح، والاستمتاع في لعبة الديمقراطية الوهمية. من السهل شراء وسائل الإعلام وجعلهم يتعبدون الانظمة الفاسدة مقابل المال والمناصب، وهكذا بات من السهل تنظيم الدعاية المخادعة وتجنيد شبكات اجتماعية لجلب الاصوات حول صنع قرار المصلحة العامة. جميعهم أعلنوا المساواة الاجتماعية والاقتصادية، والإطاحة بالدكتاتوريات، وإعادة بناء بلادهم ونظام سياسي جديد على مبدا الكفاءة والتمثيل الشعبي من خلال البرلمان. في حين أن وسائل الإعلام لا تزال تؤكد أهمية الوحدة السياسية والاجتماعية، فإن نتائج هذه الثورات أبعد ما تكون عن إرضاء الرأي العام والهياكل السياسية. هي الآن الجهات الفاعلة والإستراتيجية لديمقراطية تحمل سيادة على المؤسسات، والسلطات العامة والبرلمان. أصبح الحوار القوة الأساسية للتمثيلات السياسية، و للدول التي هدفها الوحيد هو الحفاظ على مقاعدها على رأس السلطة. يعمل الديكتاتوريون الآن على الضغط السياسي والبرلماني للحصول على أغلبية انتخابية والفوز بالحكم.

انتقلت الديمقراطية هنا من مرحلة الصراع الفردي إلى مرحلة جديدة من الصراع الجماعي عبر البرلمان. لم يعد رئيس الدولة يمتلك سلطة الحكم الشامل، ويمكن إقالته في أي وقت من قبل البرلمان. في حين أن البرلمانيين هم مجموعة متنوعة من الديمقراطية الليبرالية، إلا أنهم يمثلون احزابهم السياسية التي قد تشكل خلال المرحلة الانتخابية قوة سياسية ائتلافية، لتحصل على غالبية الأصوات البرلمانية مما يمنحها سدة الحكم. هذا هو الإطار الحقيقي للمبادرات السياسية الجديدة في أشكالها ومبادئها الأفلاطونية. انها تدعو إلى التشكيك في مبادئ الحكم والأداء المؤسساتي من خلال تمثيلات سياسية غير عادلة ومقلقة للغاية.

نحن في عصر يجب أن تكون فيه حقوق الإنسان الأساسية، موضع اهتمام السياسيين وممثليهم. افتراضيًا، فإننا ندفع الناس نحو المحن والهجرة إلى بلدان أخرى حيث تعتبر كرامة الإنسان عنصراً أساسياً في الرخاء الاجتماعي. بدون التقدم في الاعتراف بحقوق الإنسان ، لا يمكننا إدامة التقدم الاجتماعي أو لامركزية السلطة على الشعوب..

إن مبادئ الديمقراطية تعبر عن الإنصاف، والولاء، والنزاهة، وشرعية المواطنة والديمقراطية الاجتماعية، ورفاهية الجميع. هي في الواقع الأصالة للقيم للسياسة حيث تحتفظ الشعوب بالسلطة من خلال ديمقراطية مباشرة، في حين تظهر الأنظمة السياسية هنا كمدافعين عن حقوق المتلاعبين الذين هدفهم الوحيد هو البقاء في السلطة. هل هناك عيوب في النظم الانتخابية؟ بكل تاكيد لأننا لا نزال نواجه المشكلات في تأكيد الصدق السياسي والتفاني في الالتزام بالمصلحة العامة.