يمينة حمدي - تونس - " وكالة أخبار المرأة "
القصة السابقة تنطبق علي، فزوجي لا يعاني من الشره على أصناف الأطعمة، ومن حسن حظي أنه غالبا ما يقترح خططا بديلة لتناول العشاء في أحد المطاعم أو طلب الطعام بالهاتف بدلا من الطبخ في المنزل، وما أسهل أن يفعل ذلك بضغطة زر واحدة، ولكنني أفضل البدائل الأكثر صحية، وهي الأطباق التي أعدها بنفسي في البيت وأعرف مكوناتها وطريقة إعدادها. ولذلك لا مفر لي من التفكير والتدبير في وجبة العشاء التي تجمعنا على الطاولة بعد يوم عمل مرهق، وقد استغرق الأمر وقتا طويلا لأتخلص من مشكلة التوتر التي أشعر بها لاعتقادي أن ما سأعده من طعام ربما لن ينال استحسان زوجي، ولكن سؤالي المعتاد “ماذا سأطبخ؟” بقي دائما يثير حديثا شيقا بيني وبينه.
ويبدو أن موضوع الطبخ يمثل أيضا هاجسا كبيرا لمعظم النساء وخاصة المتزوجات، ومن النادر أن تخلو أسرة من الخلافات بسبب الطعام، وقد كنت حاضرة ذات مرة على جلسة فضفضة نسائية في أحد صالونات الحلاقة بتونس، أطلقت فيها النساء العنان لألسنتهن للشكوى والتذمر من طلبات أزواجهن المبالغ فيها، وإرهاقهن بأصناف من الأطعمة يكون أحيانا مصيرها سلال المهملات.
وكم تمنت الكثيرات منهن العودة ذات يوم إلى البيت وإيجاد وجبة صحية بما يتناسب وما يروق لهن من مواصفات من إعداد أزواجهن، إلى جانب منزل نظيف ومرتب، وملابس مغسولة ومكوية وموضوعة بنظام في مكانها المحدد، وهذه تعد من أفضل الأشياء التي يتقن إليها ولكن هيهات، فهذا الحلم مستبعد المنال بالنسبة إليهن، فهن وحدهن اللواتي يقمن بكل هذه الأشياء يوميا، وما أكثر المرات التي يتعرضن فيها للوم والتوبيخ بسبب إعدادهن لوجبات لم ترض أزواجهن.
الطهي مهارة ممتعة إلا أنه في بعض الأحيان يتحول إلى مهمة مرهقة عندما تشعر المرأة أنها تطبخ مرغمة أو مكرهة، وليس بدافع الرغبة، وقد يؤدي ذلك إلى تبعات نفسية تشمل التوتر والقلق وعدم الرضا عن الحياة، وهذا هو حال الكثيرات.
الزمن يتغير ومسؤوليات المرأة تتعدد يوما بعد آخر، لكن الأدوار التقليدية للمرأة ما زالت ثابتة في عدة أوساط اجتماعية، والرجال الفخورون برجولتهم باقون على حالهم، وهذا ما يجعل العديد من العلاقات الزوجية فارغة المضمون، وبمجرد أن ينتهي أو يغيب الوضع المريح للرجل ينفصل الزوجان بسهولة ومن دون أي جهد للحفاظ على الزواج. المفارقة أن الثقافة الاجتماعية لأغلب المجتمعات العربية اليوم تربط حب الرجل للمرأة بمهاراتها في الطبخ.
والمقولة الشهيرة “أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته” ما زال صداها يتردد في عدة أسر بتباه، وخاصة من قبل النساء، ومن هذا المنطلق، يمكن أن يشكل ذلك مثالا آخر لمعضلة التصنيفات التنميطية لأدوار الجنسين، التي تواجهها النساء ويؤمنّ بها في الوقت نفسه، رغم أن هذه المقولة ليست سوى جزء من الصور المبنية على التمييز ضد المرأة، من أجل جعلها أسيرة لدورها التقليدي الضيق، كما تتضمن أيضا تشويها لسمعة الرجال الذين لا يفكرون إلا في إشباع بطونهم.
عندما تعمل المرأة محررة صحافية، تعتقد مع نهاية كل يوم أنها تركت عملية الطبخ وراءها في المكتب بعد أن أعدت مواضيع دسمة لنشرها في الجريدة، ولكنها بمجرد أن تعود إلى البيت تدرك أن مهمة الطبخ ما زالت تلاحقها، والسؤال المكرر لا يخفف من حيرتها “ماذا سأطبخ اليوم؟”، وفي محاولة للبحث عن بدائل تعيد تكرار السؤال على زوجها عله يقترح عليها طبقا معينا في باله، فيريحها على الأقل من عناء التفكير، إلا أن الزوج كعادته يجيبها برد محيّر “اطبخي ما تشائين”، فتزيد حيرتها رغم أن زوجها كان يقصد إراحتها، لأنه يريد أن يظهر لها أنه غير متطلب في أمور الطعام، وأي شيء بالنسبة له يسد الرمق حتى وإن كان سلطة كما يقول دائما، وهدفه من ذلك توفير الوقت والجهد عليها.
القصة السابقة تنطبق علي، فزوجي لا يعاني من الشره على أصناف الأطعمة، ومن حسن حظي أنه غالبا ما يقترح خططا بديلة لتناول العشاء في أحد المطاعم أو طلب الطعام بالهاتف بدلا من الطبخ في المنزل، وما أسهل أن يفعل ذلك بضغطة زر واحدة، ولكنني أفضل البدائل الأكثر صحية، وهي الأطباق التي أعدها بنفسي في البيت وأعرف مكوناتها وطريقة إعدادها. ولذلك لا مفر لي من التفكير والتدبير في وجبة العشاء التي تجمعنا على الطاولة بعد يوم عمل مرهق، وقد استغرق الأمر وقتا طويلا لأتخلص من مشكلة التوتر التي أشعر بها لاعتقادي أن ما سأعده من طعام ربما لن ينال استحسان زوجي، ولكن سؤالي المعتاد “ماذا سأطبخ؟” بقي دائما يثير حديثا شيقا بيني وبينه.
ويبدو أن موضوع الطبخ يمثل أيضا هاجسا كبيرا لمعظم النساء وخاصة المتزوجات، ومن النادر أن تخلو أسرة من الخلافات بسبب الطعام، وقد كنت حاضرة ذات مرة على جلسة فضفضة نسائية في أحد صالونات الحلاقة بتونس، أطلقت فيها النساء العنان لألسنتهن للشكوى والتذمر من طلبات أزواجهن المبالغ فيها، وإرهاقهن بأصناف من الأطعمة يكون أحيانا مصيرها سلال المهملات.
وكم تمنت الكثيرات منهن العودة ذات يوم إلى البيت وإيجاد وجبة صحية بما يتناسب وما يروق لهن من مواصفات من إعداد أزواجهن، إلى جانب منزل نظيف ومرتب، وملابس مغسولة ومكوية وموضوعة بنظام في مكانها المحدد، وهذه تعد من أفضل الأشياء التي يتقن إليها ولكن هيهات، فهذا الحلم مستبعد المنال بالنسبة إليهن، فهن وحدهن اللواتي يقمن بكل هذه الأشياء يوميا، وما أكثر المرات التي يتعرضن فيها للوم والتوبيخ بسبب إعدادهن لوجبات لم ترض أزواجهن.
الطهي مهارة ممتعة إلا أنه في بعض الأحيان يتحول إلى مهمة مرهقة عندما تشعر المرأة أنها تطبخ مرغمة أو مكرهة، وليس بدافع الرغبة، وقد يؤدي ذلك إلى تبعات نفسية تشمل التوتر والقلق وعدم الرضا عن الحياة، وهذا هو حال الكثيرات.
الزمن يتغير ومسؤوليات المرأة تتعدد يوما بعد آخر، لكن الأدوار التقليدية للمرأة ما زالت ثابتة في عدة أوساط اجتماعية، والرجال الفخورون برجولتهم باقون على حالهم، وهذا ما يجعل العديد من العلاقات الزوجية فارغة المضمون، وبمجرد أن ينتهي أو يغيب الوضع المريح للرجل ينفصل الزوجان بسهولة ومن دون أي جهد للحفاظ على الزواج. المفارقة أن الثقافة الاجتماعية لأغلب المجتمعات العربية اليوم تربط حب الرجل للمرأة بمهاراتها في الطبخ.
والمقولة الشهيرة “أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته” ما زال صداها يتردد في عدة أسر بتباه، وخاصة من قبل النساء، ومن هذا المنطلق، يمكن أن يشكل ذلك مثالا آخر لمعضلة التصنيفات التنميطية لأدوار الجنسين، التي تواجهها النساء ويؤمنّ بها في الوقت نفسه، رغم أن هذه المقولة ليست سوى جزء من الصور المبنية على التمييز ضد المرأة، من أجل جعلها أسيرة لدورها التقليدي الضيق، كما تتضمن أيضا تشويها لسمعة الرجال الذين لا يفكرون إلا في إشباع بطونهم.
0 تعليق على موضوع : الطهي مهارة ممتعة ومهمة مرهقة
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات