اطلس-في ظل تصاعد الاجراءات الامريكيه، وكما بات واضحا في الاحداث المتتابعه خلال الاشهر العشره الماضيه، بدأ من الاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفاره الامريكيه اليها
ومن ثم قطع المساعدات الامريكيه عن الفلسطينيين، سواء المساعدات المباشره أو المساعدات عبر وكالة التنميه الامريكيه، ومن ثم قطع المساعدات عن وكالة غوث اللاجئين، وبعد ذلك قطع المساعدات عن مستشفيات القدس العربيه، وانتهاء باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينيه في واشنطن والتهديدات الرنانه باتجاه محكمة العدل الدوليه، وما يمكن أن يتبع ذلك من اجراءات وعقوبات وتضييقات، وفي ظل غياب عالمي فاعل وتشرذم عربي مؤلم، فإنه من الواضح أن المواطن الفلسطيني قد ترك وحده، أو ترك ليعتمد على نفسه.
وكما في الاقتصاد وفي التنميه والتطور والتقدم وفي عملية التغيير، يبقى العنصر البشري الفلسطيني، وبالاخص حين يتكاتف ويتناغم حول هدف معين أو تحت اطار واضح وموحد، أو في ظل السعي لتحقيق هدف عام بعيدا عن المصالح الشخصيه والامتيازات الضيقه والاضواء البراقه، يبقى العنصر البشري هو الاقوى، بعيدا عن التدخلات الدوليه والاقليميه وبعيدا عن طرح المبادرات ورفع الشعارات ومحاولات التوسط والاستجداء، وما ينطبق على السياسه والاحداث الاخيره المتتابعه، ينطبق وبشكل واضح على الاقتصاد والتنميه والتغيير بكافة اشكاله.
وبعد مرور 25 عاما على اتفاق اوسلو، وحسب تقارير دولية متعدده، لا يمكن للاقتصاد الفلسطيني ان يتسم بصفة الاستدامة في ظل اعتماد هذا الاقتصاد وبشكل كبير على مساعدات خارجيه والقرارات الاسرائيليه المتعلقة بالمقاصه والحركه والاستيراد والتصدير والتشغيل، وفي احد هذه التقارير تم ربط التقدم الاقتصادي الفلسطيني وبالتالي امكانية استدامة هذا التقدم الى مدى انخراط ومساهمة واستثمار القطاع الخاص في هذا الاقتصاد، ولكن وفي ظل الازدياد المتواصل في عدد العاطلين عن العمل وتناقص المساعدات الخارجيه والجمود السياسي مع الجانب الاسرائيلي، يبقى الاقتصاد الفلسطيني يراوح مكانه وتبقى فلسفة الاعتماد على الذات والاستدامه من الامال والطموحات.
وفي ظل هكذا واقع، وبعيدا عن الشعارات والتمنيات والخطط على الورق، فهل يعني هذا عدم امكانية تحقيق التنمية او التقدم الاقتصادي المستدام في بلادنا، التقدم الذي يثبت او يدوم مع نضوب او نقص المساعدات الخارجية وبأنواعها أو حسب شدة الشروط أو المعيقات الاسرائيلية، واذا كانت الحكومة تشدد وفي كل ميزانيه أو خطة اقتصادية على اهمية الاعتماد على الذات، فانه من الاحرى البدء بنقاش مستفيض حول مدى صلابة هذا الاعتماد وحول مدى رسوخ خطط التنمية المستدامة، تلك الخطط التي تبقى وتتطور مع نضوب المساعدات الخارجية، حيث من البديهي ان يهدف النقاش المفترض، الى تحديد الخطوات العملية اذا وجدت، نحو التقليل من الاعتماد على الاخرين، مقابل زيادة الاعتماد على الذات، وهذا يعني ليس فقط النتائج الاقتصادية المباشرة لذلك، ولكن الاثار السياسية والاجتماعية والنفسية المترتبة على ذلك.
ورغم ان مثل هكذا نقاش حول الاعتماد على الذات وحول التنمية المستدامة من المفترض ان يكون واقعيا ويضم الشرائح المختلفة من حكومية وقطاع خاص وباحثين ومجتمع مدني، ويمتاز بالشفافية وبعرض الحقائق والعقبات كما هي، والا يكون بعيدا عن الاعلام والاضواء وتصل نتائجة الى الناس بكل وضوح، الا انه وبدون الخوض في التفصيل من الواضح ان هناك اجراءات فلسطينية داخلية محضة يمكن القيام بها وبدون مخاطرة لتحقيق هدف زيادة الموارد الذاتية، وهذا من المفترض ان يشمل القطاعات الاساسية التي تزيد الموارد والاهم بشكل مستدام مثل الزراعة وقطاعات الانتاج الصناعي والسياحة والتجارة وغيرها، اي ان تكون الزيادة مستدامة وليست لمرة واحدة، وفي نفس الوقت تقليل النفقات الزائدة عن الحد وفي قطاعات عدة ، والبناء على ذلك وبشكل مستدام.
ومعروف ان من اهم اسس او مقومات البناء والتنمية في المجتمع هو العنصر البشري، اي الانسان، اي الانسان المتعلم المدرب والقادر على احداث التغيير، اي القادر على تطبيق الخطط والبرامج، اي القادر على تحقيق الانجازات، ومعروف اننا نملك هذا الانسان وبوفرة، ونحن نعلم ان جامعتنا وكلياتنا وبأنواعها تخرج سنويا عشرات الالوف من الناس وفي كل المجالات، والذين تم ويتم استخدامهم في دول كثيرة وفي مجالات يحققون فيها الابداع والتقدم والتنمية في تلك المجتمعات، وصحيح ان الانسان هو من اهم الثروات التي نملك، وبالاخص في ظل ضألة ما نملك من مصادر او من ثروات طبيعية، وصحيح ان هذا الانسان على استعداد للعمل والبقاء في الارض، وخاصة اذا وجد الفرصة والادارة والحافز.
وبعد مرور 25 عاما على اتفاق اوسلو، وفي ظل توقع المزيد من الخطوات الامريكيه بهدف الضغط ، وكما اثبتت أحداث سابقة ربما كانت أسوأ من الاحداث الحالية، ومن التطورات المتوقعة القادمة، مدى قوة العنصر البشري الفلسطيني وما يمكن تحقيقه حين يتم الاعتماد على الذات في اطار العمل لتحقيق هدف عام، فإن ذلك ينطبق على الاقتصاد كذلك، حيث أشار تقرير دولي قبل فتره، الى امكانية استغلال مناطق "ج" من الاراضي الفلسطينية، وبالاخص مناطق الاغوار الفلسطينيه، والتي تسعى اسرائيل الى فرض السياده عليها، ونعرف اننا لا نستطيع استغلال بعض مناطق في "ج"، للزراعة مثل منطقة الاغوار ومن خلال الاعتماد على الكفاءات البشريه الذاتيه، وبالتالي تحقيق عائد نستطيع استخدامه من اجل تنفيذ مشروع او تحقيق تنمية في مكان ما وبدون انتظار الاموال الامريكيه، أو اتفاقات اقليميه أو دوليه، التي اعتدنا على انتظارها، والتي من الواضح أنها تخفي الهدف الاهم لها، ألا وهو الابتزاز والضغوط بانواعها.
0 تعليق على موضوع : الاعتماد على الذات لمواجهة الضغوطات!...كتب: عقل أبو قرع
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات