شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

دكتاتورية أربيل وديمقراطية بغداد – ياس خضير البياتي





اعرف مقدما بأنني لم أسلم من نقد الجميع وتعليقاتهم، ولا من جمعيات حقوق الانسان والشفافية التي تناسلت من مصادر مجهولة، ولا من ساسة العراق الجدد شركاء الكرد، ولا حتى من بعض احزاب الكرد الاخوة الأعداء، عندما اقول بشجاعة ان السيد مصطفى البرزاني أكثر إخلاصا ووطنية لقضيته وامته الكردية من الكثير من الذين يحكمون الوطن الآن. لأنني اعرف مقدما ان هذ النقد مصدره ثقافتنا التي تتشكل من اللون الأبيض والأسود فقط، بدون اللون الرمادي من عقولنا وتحليلاتنا، لأن عقليتنا مازالت تتحكم بها العاطفة أكثر من العقل، والعنصرية لا الانسانية، والمزاج البرتقالي لا عقل الحكمة. واعرف مقدما ان الكثير منا يمتلك صورة نمطية مسبقة تشكلت عبر الزمن والاحداث عن الكرد، واعرف ايضا اننا سنفزع من كلمة الشجاعة والوطنية، لأننا سنربطها بتاريخ الاجداد والقوميات والثورات والقبائل، وسيقول لي الكثير: ماذا تقول يارجل: الرجل يريد الانفصال والتقسيم، وحكمه ديكتاتوري عشائري قائم على الفساد، واقليمه قائم على سلطة الأمن لا سلطة القانون!
تشفير العقل
دعونا بداية أن نفك التشفير: تشفير العقل، ونتحدث بلغة الواقع، لا لغة التنظيرات، فأوطاننا العربية لم يعد لها مكان حاضر في هذه القرية العالمية، فلم نؤسس ديمقراطيات حقيقية، ولا اخترعنا تكنولوجيا مبهرة، ولا أقمنا أنظمة قانون، وبلد مواطن، كل ما فعلناه هو اكذوبة ديمقراطيات معلبة بأمر السلطان والدين، وتكنولوجيا للشعوذة والكذب، وأنظمة فاسدة تحميها قوانين أكثر فسادا. لذلك لم يعد لدينا الا نحكم على (فضلات) هذه الديمقراطيات والقوانين. ونحمد الله على هذه النعمة التي سأتحدث عنها بواقعية ،وهي قضية الولاء الوطني وامن المواطن وبعض من الخدمات البسيطة .وهي اشبه بالبطاقة التموينية ، ولكنها بطاقة الحياة  ! اما الحديث عن الدكتاتورية والعمالة والفساد والانفصال، فإنني اعترف بأنها أمراض تاريخية تستحضر بقوة في جيناتنا وسلالاتنا وعروقنا ووجودنا اليوم وغدا! لذلك سأبدأ بالقول بأنني لست كرديا ،وانما عراقيا ،لكنني احترم الكرد ووطنيتهم واصالتهم وطيبتهم ، ،ولست من عائلة البرزاني ،ولم التقي الرجل ،وليست لي مصالح في إقليمه والحمد الله ،لكني انتمي الى منطق العقل والحكمة ؛محاولا توصيف حالة ، وليس تنظيرا لمفهوم الديمقراطية والدكتاتورية ، بغض النظر عن الحالة العامة للقضية الكردية ،وملابساتها وتعقيداتها .لكنني اعترف  ايضا بأنني لا أعطي صورة وردية لسياسة الإقليم وتوجهاته ،ولا اريد ان اجعل الإقليم مدينة فاضلة تشبه مدن أفلاطون والفارابي ،وانما احاول إثبات ان الأفعال لا الاقوال هي اساس الوطنية والاخلاص للقضية ،حتى ولو كانت تتحمل ثقل الديكتاتورية. فما فائدة وطن يتحدث يوميا عن الديمقراطية بالأقوال، وشعوبه جائعة، ومدنه خربة، وامنه منفلت، وشوارعه منتشرة بجثث العباد!
زبٌالْ. وصار طٌبالْ
اليس إقليم كردستان يعيش اليوم في ظل البرزاني دورة حياة مطمئنة وامنة، وعاصمة تتألق أكثر من بغداد العاصمة بجمالها ورشاقتها ونظافتها وامنها، حتى تحولت الى ملاذ للملايين من كل طوائف واديان العراق، الذين غادروا مدنهم اجبارا لأسباب القتل والطائفية والأمن، بل المضحك والمبكي ان تكون ملاذا أيضا لرجال الحكومة وسياسي العملية السياسية، الذين يصرون بعقلهم الجاهلي نشر فتاوي الاتهام والنفاق، على طريقة المثل الشعبي (بالوجه إمرايه وبالظهر سلاية) أو (زبٌالْ. وصار طٌبالْ)! اليس البرزاني بدكتاتوريته أنقذ اربيل من توحش الفوضى والدمار، وأسس نظاما أمنيا صارما ليحمي شعبه والمهاجرين، أفضل من دولة المركز التي تمتلك مليارات الدولات، ولم تتمكن من إيقاف التفجيرات والقتل والموت في مدنها طيلة السنوات الماضية، ام ان الديمقراطية مجرد كلام، وفوضى للقتل والتهجير، ورعب الشعب بانفلات السلاح والقتل السري، وتحويل الناس الى موتى لا أمل لهم بالحياة والمستقبل. اليس الكردي اليوم سعيدا عندما يخرج للشوارع، وينام مطمئنا وسعيدا، بينما الآخر في دولة الديمقراطية ينتظر الموت في كل لحظة، وينام على موسيقى أسلحة وبارود وسيوف اللصوص والمليشيات والارهابيين. انا اراهن ان الناس سيختارون الديكتاتورية مادامت تؤمن لهم حرية الآمان والتحرك والنوم السعيد. أليس البرزاني الديكتاتوري احرص على قوميته، لكي لا تُمسح من الوجود، ليجعل منها قومية حاضرة وفاعلة دوليا، أو ليس اقوى وطنية لانتمائه للقضية الكردية من الكثير الذين يعانون من فقر دم في ولاءه لعروبته ووطنيته للعراق. أليس هو الدكتاتوري الذي أسس شراكات مع الكتل والأحزاب لصالح قوميته وشعبه ،مثلما حرك فيهم الولاء والكبرياء ،وجعلهم يعيشون أمل قضيتهم ،مؤسسا لهم اقليم ينتعش سياحيا واقتصاديا رغم الحصار والتجويع  .بينما المركز ورجاله قتلوا فينا احلام العروبة ،وصدروا  لنا غيبيات الماضي وطقوسه ،وانعشوا فينا الولاءات الطائفية والدينية والقومية ،وجلبوا لنا بسياستهم داعش الإرهابي المجرم وثقافة نحر البشر ،بل هدموا فينا جذوة الوطنية ،وزرعوا بذور العمالة في اوطاننا ،وجعلونا اشتاتا لدول مختلفة نستجدي منهم الماء والكهرباء والغاز والنفط والخضروات والرقي واللبن الإيراني والتركي ،بل اصبحنا خزينا للأفيون والمخدرات وحبوب الهلوسة لقتل شباب الوطن .
عاصمة الامن والاستقرار
أليس غريبا ومضحكا من الحكومة التحدث عن فساد الإقليم وسرقاته، كأنهم من رجال الاولياء والصالحين الذين نشروا عدالة السماء في الأرض، وجعلوا شعب العراق في بحبوبة العيش الرغيد، وجعلوهم يعيشون في أفضل مدن للعيش، ويتباهون بأنهم أكثر الشعوب سعادة، وأفضل الدول شفافية للفساد.وكأن الناس باعتقادهم يعيشون غباوة الفقر والغيبيات والهلوسة، ولا تعرف حقيقة ما يجري في الخفاء والسر من نهب منظم لثرواته. اليس هو الشعب الذي انتفض في البصرة ومدن العراق على فساد الأحزاب الدينية التي لا تخاف الله، ولا من اهل البيت الكرام.  لنتفق ان الجميع يعاني من الفساد، ولنستخدم الضرب والقسمة، وقوانين التنمية، ونسأل من اعطى لشعبه خلال ربع قرن، من بناء المدن الحديثة، وطاقات الكهرباء، والبنى التحتية، وأنعش الدولة بالاستثمار، وبناء المؤسسات الحديثة، ومن هو الذي اخذ وأعطى، وأخذ ولم يعطي. فهل نحتاج الى فك التشفير، وامامنا واقع ووقائع، ودلالات بصرية، لا تخطأها العين، ولا يرفضها العقل، بين مشهدين: مشهد الهدم والخراب لكل مدن العراق الاتحادي، ومنهجية لتفكيك المجتمع العراقي، وزرع الغيبيات والعنف والكره في العقول، وتدمير منهجي لكل أثر جميل وجديد لما بني قبل عام 2003 مع سبق الإصرار والترصد!، ومشهد آخر لأقليم كردستان النابضة بالحياة والآمان، وملاذ المهجرين والمظلومين، والباحثين عن مكان الحياة الطبيعية، حيث الامن والاستقرار واحترام كرامة الانسان.  وكما يبدو، فأن الصورة الاوضح لواقع اليوم، وهو أن لصوص العملية السياسية نهبوا ثروات البلد، ولم يفكروا، حتى من باب الدين والإحسان والتقوى، أن يعطوا الشعب القليل القليل من هذه الثروات التي نهبت ووضعت في خزائن الأوطان الأخرى. بينما الإقليم قد أخذ من الفساد حصته، لكنه أعطى أشياء لمواطنيه أبرزها الأمن والآمان، وفتح لهم أبواب الاستثمار والترفيه والسياحة، وبنى لهم طرق استراتيجية، ومجمعات سكنية عصرية، ومولات كبيرة، وعاصمة جميلة نظيفة. ولولا الازمة المالية العالمية، وقطع الارزاق والحصار المالي من الدولة الاتحادية، لكنا اليوم نتحدث عن إقليم آخر أجمل وأبهى!
ثقافة الشجاعة
وبعد، من قال انني أحاول تبرير أفعال الدكتاتورية او انحاز لها فكرا. ومن قال أيضا ان الديمقراطية في اوطان القبائل والطوائف وغيبيات الدين وأمية الحروف الابجدية، يمكن ان تنهض بأفعالها وممارساتها، وتبني دولة المواطنة والعدالة والقانون.
اليس شعبنا يحن اليوم الى نظام الملكية، ويدعو الله الى عودة الدكتاتورية، بعد هذا الفشل والدمار الذي صنعته هذه الأوطان الديمقراطية لشعوبها؟ لا أقول، سامحكم الله، ان شعب الإقليم يعيش سعيدا ومترفا مثل الشعب السويدي والدنماركي، لكنه أفضل من أخيه العراقي الذي يعيش في مدن العراق الأخرى، لأننا إذا وضعنا هذه المقارنات في ميزان الافعال، وهي ابسط حقوق العباد، فأننا سنقول نعم لدكتاتورية أربيل، ولا لديمقراطية بغداد التي لم تجلب لنا الا جعجعة الشعارات، وصناعة الموت والتدمير. اليس عيبا على حكوماتنا التي تعيش في بيت من زجاج، أن ترمي الآخرين بحجر الفساد وديمقراطية التخلف. متى نتعود على ثقافة الشجاعة لنكتب الحقيقة باللون الرمادي بدلا من الأبيض أو الأسود؟ أتمنى ان تصل الرسالة للجميع بدلالاتها الوطنية، وفكرتها المختصرة، وان لا تنظر للنصف الفارغ من الكأس، وانما يجب أن ننظر الى النصف الممتلئ! كان ديكارت محقا عندما قال ان الشيء المقرف في الديمقراطية أنك تضطر لسماع الاحمق!
{ اكاديمي واعلامي

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : دكتاتورية أربيل وديمقراطية بغداد – ياس خضير البياتي

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017