انقض طائرٌ بلا رحمة على أفعى ، وبدا يَضرب بمنقاره على رأسها بقوة اخذت الافعى بالصراخ والعويل وأدعاء المظلومية ؛
وتستنجد بالجماهير المتجمهرة لمشاهدة الصراع ، لأنقاذها من هذا الطير القاسي ، وكأنهُ طائرٌ ارهابي وظالم ، يعتدي على الافعى وينشر الدمار والخوف !!!
أستمر الطائر في تمزيق جسد الافعى دون ان يلتفت الى توسلات الافعى ودموعها احد والجماهير مذهولة وصامتة كعادتها مشغولة في تحليل الحدث !!!!
قال المحلل السياسي هناك اجندة خفية للطائر تمولها اطراف خارجية !!
وقال المحلل الديني هذا تطرفٌ واعتداء ودعم للأرهاب !!
وقال المحلل الاقتصادي ان الجوع هو الذي جعل الطائر يأكل لحم الأفعى !!
انهُ الجوع لاغير
واستمرت الجماهير بالفلسفة وسط صراخ التشجيع والشجب والتأيد والاستنكار في آن واحد ، وبعد وقت حلق الطائرُ بعيداً بعد ان ترك الافعى جثة هامدة وسط ذهول الجماهير المتفرجة فقام بعض المتطفلين بشق بطن الافعى المنتفخ والمثير للانتباه والريبة عندها تفاجأ الجميع واكتشفوا الحقيقة !!!
فقد خرج من بطنها فرخ الطائر المسكين الذي التهمتهُ الافعى في غياب والديه ، التهمتهُ دون اي رحمة وشفقة ، التهمته وهو يبكي شاكياً غدر الغادرين الذين لم يرحموا ضعفة ، التهمتهُ مثلما ابتلعَ الفاسدين اموال العراقين دون واعز من ضمير حي ، لقد نسيت الافعى جريمتها لكن الطائر لم ينسى لقد جاء وقت الثأر لدموع الابرياء وعذاباتهم
واستمرت الجماهير في التحليل كعادتها مابين مؤيد ومعارض .
في هذه القصة مقاربة كبير مابين رؤوس الفساد في العراق والذين تسببوا بأنهيار الاقتصاد وحرمان المواطن من حقوقه في حياة كريمة خالية من الذُل والمهانه ، وانتهاك الكرامة لكي يتمكن من الحصول على لُقمة عيش له ولعائلته ، مقابل “حكومة ” تتفرج على المفسدين وهم يعبثون بالمال العام دون ان تُحرك ساكناً ، بل في بعض الاحيان تبحث عن الاسباب المقنعة لتبرير صفقات الفساد ، واذا بذلت الحكومة جهد اكبر ، فستذهب الى اصدار بيانات استنكار بائسة تتوعد من خلاها بضرب عمليات الفساد والمفسدين بيد من حديد وهي “الحكومة ” بتصرفاتها الضعيفة وبياناتها الباهتة وعدم محاسبة المقصرين تعطي صورة دعم واضحة لعمليات الفساد وكذلك تثبت للعالم انها لاتملك حتى يد من “خشب ” كي تضرب بها احد
ويبقى الطائر “المواطن ” الذي فقد فرصة عيشه ، وسُرقت احلامه ، وقد يكون فقد احد افراد عائلته بسبب المرض او الجوع او السيول او الحروب التي سببها الفساد وغياب المسائلة
وهو يتسامى على جراحه متمنياً ان يتعافى الوطن من مرض الفساد ، لكنه لاينسى الآلم والضرر الذي وقع عليه جراء سنين الحرمان والألم بسبب هدر المال وسيطرة مافيات الفساد
لن يكون يوم الحساب بعيداً لان من اخطر الثورات في العالم هي ثورة الجياع الغاضبين عندما تتقطع امامهم السبل
ونحن نتعرض في بلادنا لابادة حقيقية بسبب حرمان الناس من حقوقهم فما يحدث بالبصرة خير دليل وهو ليس ببعيد عن مايحدث في الانبار او الموصل او العمارة ، وتبقى الانظار ترنوا ل “كروش ” الفاسدين ومتى يأتي موعد الحساب ليتمكن المواطن من انتزاع احلامه وطموحات اطفاله من بطونهم
متى يستخرج حقوقه منهم كما ثأر الطائر لابنه عندما ابتلعتهُ الافعى
متى يحين وقت اخذ الثأر ممن دمروا احلامه وحرموه من ابسط حقوقه .
اذا طيراً عاد بعد حين ليقتص من الافعى التي ابنلعت ولده
فكيف لشعبٍ عانا الأمرين جوع وقهر وظلم لايقتص من سارقي احلامه
الطائر اعلن للعالم اجمع ان العدالة هي التي تسود
فكيف لشعب يتضور جوعاً ويتحمل شتى انواع العذاب
ممكن ان يصمت
سيصمت الشعب اذا قامت الدولة بأجراءات سليمة وحاربت الفساد بشكل فعلي واعادت حقوق المواطنين وحاسبت المقصرين.
واودعت السراق في السجون لينالوا جزائهم العادل ومادون هذا الاجراء ستكون الحكومة متسترة وشريكة وسيحاسبها الشعب يوم يحين موعد الحساب
انتصروا لمواطنيكم
وحاسبوا الفاسدين
سَتُفتح امامكم سبل بناء الدولة وترسيخ دعائم السلم المجتمعي
أذا انتشر الفساد فسيؤدي إلى الخراب بشتى الوسائل و الإمكانات ويصبح عصيان كل فرد من أفراد الشعب حقًا من حقوقه ، بل واجبًا وطنيًا .
الحكومات القوية والفاعلة والرشيدة لن تسمح بذلك
وحسبنا ان تــــــكون حـــــكومتنا ضــــمن هــــــذا التوصيــــــف بالجــــــانب الــــــعملي ولــــــيس النــــظري .
0 تعليق على موضوع : الصراع مابين الطائر والأفعى – كامل كريم الدليمي
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات