فمحو الأمية الرقمية مرهون بمجموعة من القدرات الأكثر تشعبا، والتى يمكن تلخيصها فى استخدام تكنولوجيا المعلومات بشكل منتظم وفعال من أجل الانخراط فى المجتمع، والقدرة على استخدام المهارات التكنولوجية أو المشاركة فى أى وظيفة إلكترونية، والتفكير النقدى والقدرة على التيقن من المعلومة والاستفادة منها والبناء عليها للوصول لفكرة أو منظومة جديدة.
ولأن القدرات السابق الإشارة إليها لا تكتسب فطريا أو «بالفهلوة» اتجهت أنظار عدد من الكتاب والباحثين لمنظومة التعليم فيما يطلق عليه بلدان العالم الأول وكانت المحصلة أن مزقوها تمزيقا!!.
فى هذا السياق أشار مارك برينسكى إلى أن حقول التعليم وطرق التدريس أصبحت اليوم أكثر تعقيدا بلا داعٍ وتتجاهل احتياجات الطلبة (واحتياجات العالم) الحقيقية، مشيرا إلى أن طلاب اليوم يتحدثون لغة جديدة لا يفهمها المعلمون. فيما طرح هنرى جينكنز فكرة العلاقة بين اكتساب المهارات وتطويرها طبقا لسهولة استخدام الانترنت وصاغ مصطلح فجوة المشاركة الرقمية.
يقول جينكنز إن تعلم الطلاب مجموعات مختلفة من المهارات التقنية يظل رهنا بإمكان الوصول إلى الإنترنت فى مكتبة أو مدرسة، فالطلبة الذين لديهم إمكان الوصول إلى الإنترنت فى المنزل يحصلون على فرص أكبر وأوسع لتطوير مهاراتهم فى ظل تمتعهم بقيود اقل تحد من زمن استخدامهم لأجهزة الكمبيوتر أو تعوق وصولهم لبعض المواقع نتيجة الرقابة على الحواسب فى المدارس والمكتبات والأماكن العامة. فى خطوة لاحقة و بناء على ما سبق أن طرحه هنرى جينكنز أستاذ الإعلام والصحافة الأمريكي، ظهر مفهوم الفجوة الرقمية لأول مرة فى تسعينيات القرن الماضى للتمييز بين قدرات الأثرياء سواء أكانوا دولا أم أفرادا فى الوصول والاستفادة بالمنتجات الرقمية والتواصل عبر تطبيقاتها وبين المجموعات الموازية ذات الدخل المنخفض الأقل قدرة على تحقيق ذلك.
وميز جينكنز فجوة المشاركة عن الفجوة الرقمية، موضحا أن فجوة المشاركة تعنى الفجوة فى المهارات التى تنشأ عندما تختلف مستويات الأفراد للوصول إلى التكنولوجيا. فى المقابل طرح هوارد بيسر فكرة أن الفجوة الرقمية لا يمكن أن تقتصر على مقارنة إمكان وصول الأثرياء إلى التكنولوجيا والمقارنة بين من يملكون ومن لا يملكون.
وأوضح أن الفجوة الرقمية تشمل جوانب أكثر تعقيدا مثل محو أمية المعلومات، والوصول إلى المحتوى والقدرة على تقييمه وتحديد مدى ملاءمة المحتوى وتطبيق التفكير النقدي، مشيرا إلى أن الفجوة الرقمية تتضمن فجوة بين الأفراد الذين لديهم القدرة على إنشاء محتوى رقمى وبين من يستنيمون للبقاء كمجرد مستهلكين لما يبدعه الآخرون.
فى السياق ذاته، تناول عدد من أساتذة الإعلام قضية اللغة ودورها فى خلق فجوة رقمية مشيرين إلى أن معظم المحتوى على الإنترنت مكتوب باللغة الإنجليزية وبالتالى فإن عدم إتقان اللغة الإنجليزية يزيد من عمق الهوة الرقمية..وإذا كان النقاش الأكاديمى والمجتمعى فى بلدان العالم الأول قد أدى لتغيير معالم البيئة الدراسية على مستوى الوسائل التعليمية والمناهج، وهو ما نأمل أن يتحقق الآن مع متوالية تصريحات تطوير التعليم، يظل السؤال يفرض نفسه: كيف يتسنى لنا التغلب على أمية وفجوة رقمية والانتقال من قائمة المستهلك السلبى لتكنولوجيا وأفكار يسوقها الآخر لقائمة الإبداع الرقمى لنعيد أمجاد حضارتنا المصرية القديمة التى مازال العالم يتطلع إليها مشدوها حتى اللحظة؟
..وللحديث بقية




0 تعليق على موضوع : سيادة المواطن.. رقمى «3» - بقلم : ســناء صليحــة
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات