ثلاث حكايات "عابرة" من حكايات وجع النساء في مجتمعات الميزوجينيا الممتدة على جغرافيتانا.. حكايات من المغرب ومصر وسوريا... تختلف درجات بشاعتها، لكن المشترك فيها واحد: هوس مرضي بأجساد النساء وبجنسانيتهن. هوس يؤدي للإقصاء، وللقتل أحيانا.. بل ولتبرير القتل تحت مسميات الشرف والأخلاق! هوس تختلف تمثلاته وترجمته على أرض الواقع، لكنه يظل واحدا.
في مراكش بالمغرب، أعلن فندق بشكل صريح على مدخله بأنه "لا يقبل ولوج النساء المغربيات العازبات، غير المرفقات بأزواجهن أو أحد أفراد عائلاتهن". بل أن الفندق رفض حجوزات سيدات تقدمن للحجز بمفردهن ودون "حراسة أو وصاية ذكورية".
باختصار، بالنسبة للمشرفين على هذا الفندق، فكل سيدة عازبة تقرر حجز غرفة في الفندق بمفردها، مع صديقاتها أو مع أختها، هي بالضرورة منحلة أخلاقيا ولا تريد الحجز في الفندق إلا لممارسة الجنس غير الشرعي!
هذا هو التفسير الوحيد الممكن لقرار الإدارة التي ظلت لفترة مصرة على مواقع التواصل الاجتماعي على كون هذا القرار مبني على احترام "القوانين المغربية"؛ علما بأن لا قانون في المغرب يمنع النساء من السفر وعلما بأن آلاف النساء العازبات والمتزوجات يسافرن بمفردهن ويقمن في عشرات الفندق عبر ربوع البلد. فعن أي قانون يتحدث الفندق؟
جريمة بشعة ارتكبت بحق فتاة في الحسكة.بعد الضجة التي حدثت على مواقع التواصل، اعتذر الفندق دون أن يعتذر.. لأنه اكتفى بتحميل المسؤولية لمسؤولة التواصل، علما أن مسؤول التواصل لا يخترع القواعد، بل فقط يصيغها عبر وسائط التواصل (ملصقات، موقع إلكتروني، إلخ).
الحكاية الثانية حدثت في مصر، وفي المنيا تحديدا: شاب يقتل أخته ذات الـ 16 عشر سنة لأنه شك في سلوكها عندما أخبره أصدقاؤه أنها كانت برفقة رجل من قرية مجاورة... و"الطب الشرعي يؤكد بكارتها"! طبعا لا أحد يسأل عن الرجل الذي كانت (ربما) برفقته، فشرفه لا يحسب بعدد النساء اللواتي كان برفقتهن. لكن الأخطر من كل هذا، هو تصريح الطب الشرعي ببكارة الفتاة. ألسنا هنا نشرعن لجرائم الشرف؟ ماذا مثلا لو لم تكن بكرا؟ هل هذا يبرئ المتهم ويبرر جريمته لأنه "دافع عن شرفه"؟ أمام جريمة قتل، هل نحتاج لاتهام القاتل أم لـ "تبرئة الضحية" أو "إدانتها" حسب حالة غشاء بكارتها؟ هل هذا يعني أن الفتاة غير البكر تستحق القتل من أخيها أو والدها ليغسل "شرفه"؟ أي عقلية هذه مازالت مصرة على أن تحصر شرفها بين فخدي بناتها؟ ثم، كيف نعتبر الفتاة مسؤولة عن شرف كل القبيلة، لكنها في نفس الوقت قاصر يقرر عنها أخوها وأبوها وزوجها كل ما يتعلق بها، بما في ذلك تفاصيل حياتها وزواجها وإنجابها؟
الحكاية الثالثة حدثت في سوريا، في الحسكة تحديدا. حكاية أخرى لا تختلف في عنفها ولا في قسوتها عن الحكاية السابقة. طفلة أخرى عمرها 16 سنة تعرضت للاغتصاب أكثر من مرة من طرف ابن عمها. المحكمة هذه المرة كانت عادلة وأصدرت حكما في حق المغتصب بالسجن 30 سنة. ماذا فعل الأب؟ هل دعم ابنته؟ لا... بل قتلها خنقا لأنها بلا شرف ولأنها تسببت في سجن ابن عمها!
طبعا، سنجد بيننا من يبرر كل هذا بضرورة "حماية الأخلاق" وبأن النسويات يبالغن وأنهن يكرهن الرجال وأن النساء يتمتعن بكل حقوقهن وأن الإسلام كرم المرأة... لكن، خارج شعارات هؤلاء، هل يعترف أحدهم بهذا الواقع الذي تعيشه ملايين النساء عبر العالم، وتحديدا في منطقتنا، حيث تواجه العنف والإقصاء وامتهان الكرامة والقتل أحيانا... ليس لشيء محدد فيها بل فقط لأنها امرأة؟ هل يستطيع المعترضون أن يبرروا دون خجل جرائم الشرف في المجتمعات الشرقية؟ هل يستطيع المعترضون أن ينفوا كون الكثيرين في المجتمعات المغاربية والمشرقية يعتبرون النساء منحلات فاسدات إلى أن يثبتن العكس أو أن يثبت إخوانهن وآباؤهن وأزواجهن العكس؟
أم أننا سنكتفي باتهام النسويات... حتى لو كانت النساء هن الضحية؟
وسنكتفي باتهام النسويات... بدل اتهام المذنب الحقيقي!




0 تعليق على موضوع : متهمات مع التنفيذ
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات