لا تحدد التفاصيل حياتنا فقط، بل تحدد ما جئنا لأجله إلى هذه الحياة، قدرتنا على الحب. حب أنفسنا وحب بعضنا البعض.
المفتونون بالتفاصيل يمكنهم دائما الاقتراب أكثر من الأحداث والأماكن والأزمنة والأشخاص لرؤية المزيد، والاستمتاع بالقصة بشكل أفضل. قد تعني رمشة عين في غير وقتها غياب تفصيل ما. التفاصيل وحدها يمكن أن تخبرهم بكل القصة دون أكاذيب.
ينطبق على هؤلاء المثل القائل إن “الحياة مصنوعة من عدد لا ينتهي من التفاصيل، لكن بعض التفاصيل تغيّر الحياة” بشكل مثالي جدا.
إذا أولى هؤلاء المفتونون الاهتمام الكافي بالتفاصيل قد يكتشفون أن الصور المتطابقة، ليست متطابقة كما تبدو للناس العاديين. سيقولون إن كل صورة تكشف عن تفردها.
يصنع التركيز مع التفاصيل من الإنسان فنانا مبدعا أو مهلوسا مريضا نفسيا، ويتوقف الأمر على التفاصيل التي نهتمّ بها.
يعتنق المبدعون في رحلة الحياة عادة التفاصيل المبهجة ليحصلوا في النهاية على حياة جميلة.
يغرق آخرون في التفاصيل الكريهة على أساس أن الحقيقة تكمن فيها، كما الشيطان موجود أيضا في التفاصيل، “ربما لأن الحقيقة والشيطان وجهان لنفس الشيء” كما قال الملك الإنجليزي ستيفن.
لا يهتم البعض بالتفاصيل أبدا. يفضلون التفكير في الصورة الكبيرة. ينسى هؤلاء بشكل أو بآخر أن يعيشوا حياتهم.
كتب الروائي الأميركي إرنست همنغواي ذات مرة “تنتهي حياة كل إنسان بالطريقة نفسها، هي فقط التفاصيل التي تبين كيف عاش وكيف توفي وهذا ما يميز كل شخص عن الآخر”.
لا تحدد التفاصيل حياتنا فقط، بل تحدد ما جئنا لأجله إلى هذه الحياة، قدرتنا على الحب. حب أنفسنا وحب بعضنا البعض. يعتقد بعض الناس أن الحب يثبت من خلال الأفعال الكبيرة بسبب المقولة الشائعة “الكل أو لا شيء” لا يعرفون أو يغفلون عن قصد، أن الحب يحدث في سياق أصغر الأعمال. يتم تفسير مشاعرنا من خلال تفاعلات متعددة ومختصرة تشكل في النهاية التفاصيل، تلك التي تترك بصمة في ذاكرتنا وتشكل بعدها القصة التي نرويها عمّن نكون ومن نحب.
يكمن الحب في التفاصيل الصغيرة كالشعور بالسعادة بمجرد شمّ رائحة من نحب، أن نبتسم حين نتذكر أننا ضحكنا ضحكة رنانة صادقة من القلب، أن ننظر في أعين بعضنا نظرات مخلصة تروي كل شيء، لن يكون الحب شيئا من دون هذه التفاصيل المبهجة.
وتذكروا، بمناسبة الفالنتاين أو من دونها، أن القلوب الكبيرة تسعد بالتفاصيل الصغيرة شرط أن تكون تفاصيل مبهجة.
السبت 2021/02/13
لبنى الحرباوي
صحافية تونسية
0 تعليق على موضوع : التفاصيل حياة
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات