شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

النيوليبرالية والحرب العالمية // عمر الغول



تفشى فيروس "كوفيد 19" في العالم، وأرغم ما يزيد على 2 مليار إنسان على الحجر المنزلي، وشل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفنية والثقافية، وعطل عجلة الحياة في معظم- إن لم يكن في كل- مناحيها، والقى في الولايات المتحدة وحدها ب17 مليون عاطل عن العمل على قارعة الطريق. وحسب تقرير لصندوق النقد الدولي صدر أمس الثلاثاء، أن الوباء يدفع بالاقتصاد العالمي تجاه ركود عميق، حيث من المتوقع تراجع الناتج العالمي بنسبة 3%. وأضاف التقرير إن "خسارة الاقتصاد العالمي توازي حجم اقتصادي ألمانيا واليابان"، وتوقع التقرير انكماش الاقتصاد الأميركي (الأول عالميا) بنسبة 5,9%". وحذر التقرير من "وجود مخاطر كبيرة ونتيجة أسوأ" جراء الضبابية الشديدة حيال مدى قوة التعافي" من أزمة الكورونا. وتوقع التقرير "أن الاقتصاد العالمي قد يخسر 9 تريليونات دولار خلال عامين بسبب الجائحة العالمية" في حال لم تتمكن البشرية من تطويق والسيطرة على الوباء. وهو ما سيترك أثرا عميقا على النيوليبرالية العالمية، التي تقودها اميركا.  


وكما اشرت في مقالاتي السابقة، ان أزمة الكورونا ستظلل بغيومها الثقيلة دول العالم قاطبة، وبشكل خاص دول العالم الأول، وستنعكس على مركبات العالم. ولا اريد ان أكرر ما ذكرته سابقا في مقالي من جزأين "الكورونا وعوامل هدم العالم" قبل ايام قليلة، الذي اكدت فيه حدوث تحولات إستراتيجية في النظام السياسي العالمي. وأهمها سقوط العولمة، والركود الاقتصادي العالمي، وعودة الدول للتقوقع على الذات القومية، وعودة الدولة مجددا إلى اعتماد النظرية الاقتصادية الكنزية والسمثية، التي تفرض على الدولة التدخل في العملية الاقتصادية بما يخدم توجهاتها. وهو ما يعيد للأذهان ما اشرت إليه، واشار له العديد من خبراء الاقتصاد، بإمكانية تبني النموذج الصيني من حيث السيطرة على مقاليد الأمور في البلاد، مع فتح نافذة للخصخصة، وهذا لا يعني إلغاء النموذج الرأسمالي، بيد انه سيبقى بمعايير التغييرات العالمية الجديدة. ولهذا تأثير كبير على دور الديمقراطية في المجتمعات البشرية.

لكن تبرز هنا مجموعة اسئلة تتعلق بما سيتمخض عن التغييرات الدراماتيكية العالمية، ومنها: هل الدول الرأسمالية الغربية عموما والولايات المتحدة الأميركية خصوصا ستسلم بالنتائج، ام انها ستدافع عن مكانتها ودورها في قيادة العالم؟ وهل ستتخلى عن استخدام ما لديها من اسلحة عسكرية تقليدية ونووية؟ وهل يمكن لرجل غير طبيعي مسكون بـ"الأنا" العالية (النرجسية) يقف على رأس الإدارة الأميركية، وصاحب شعار "اميركا أولا" ان يرفع الراية مستسلما بسهولة أمام الصين وروسيا الاتحادية، ام انه سيلجأ للحقيبة النووية، كونه القائد الأعلى للجيوش الأميركية؟ وهل ما يشيعه بعض الخبراء من الأميركيين والأوربيين والروس عن حدوث حرب عالمية ثالثة في نوفمبر القادم أمر ممكن، أم أنها فرضيات وسيناريوهات بعيدة عن الواقع؟ وهل ما استخلصته سابقا، من ان أزمة الكورونا، هي الذروة في الأزمة الكونية الكارثية التي يعيشها العالم منذ عام 2008 حتى الآن (2020)؟ بمعنى آخر، ماذا بعد هذه الذروة، الآ يعني ذلك وصول العالم إلى مفترق طرق خطير، وهو ما يفرض على الأقطاب الدولية تعزيز مواقعها في الخريطة الدولية، وتثبيت ركائز وجودها في النظام العالمي الجديد؟ أوليست النيوليبرالية هي من تضع على رأس جدول اعمالها وخططها استخدام السلاح دفاعا عن ذاتها مكانتها؟

من المؤكد، أن أزمة الكورونا تمثل ذروة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية. ولها ما بعدها من التغييرات غير المسبوقة في النظام العالمي، ولكنها ستكون (وآمل ان أكون مخطئا) البوابة الطبيعية لحسم الجدل والنقاش في ما ستؤول إليه الأمور لاحقا، بمعنى ان الولايات المتحدة بقيادة الرجل المهرج ترامب لن تسلم بترك موقعها العالمي بسهولة. لانها لم تقم بما قامت به من تعميق وتجذير أزمة الكورونا، واعتماد "مناعة القطيع" حتى تسلم للصين وروسيا قيادة العالم. وبالتالي الخيار، الذي اشار له أكثر من مرة الدكتور طلال ابو غزالة، من أن مجلس الأمن القومي اتخذ قرارا بشن حرب عالمية على الصين عام 2020 وآخرها على قناة "روسيا اليوم"، وهو ما عاد التأكيد عليه أكثر من خبير عالمي، سيكون خيارا مطروحا وواقعيا في ظل التطورات العالمية العاصفة.

لكن هل تنجح الحرب الأميركية في تثبيت مكانتها العالمية الأولى؟ هذا الأمر مفتوح على كل السيناريوهات، مع اني لا أعتقد ذلك، لأن وضع الولايات المتحدة الحالي والمنظور، وما سينجم عن أزمة الكورونا يشير حتى اللحظة عكس ما تطمح الحكومة العالمية، والرئيس دونالد ترامب. وحتى بقاء اميركا متماسكة، ايضا أمر بات على المحك، ولا يمكن الجزم بما ستكون عليه الصورة في المشهد الأميركي. وايا كانت النتائج، فإن أميركا ودول الاتحاد الأوروبي ستبقى أساسية في المعادلة الدولية القادمة، لكنها لن تكون حسبما اعتقد سيدة الموقف والعالم، بالتالي النيوليبرالية ستعود للخلف، وستتخلى عن العولمة. والمستقبل المنظور كفيل بالإيجاب أو السلب على الاستشراف الخاص بي.

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : النيوليبرالية والحرب العالمية // عمر الغول

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017