بقلم : سلوى يحيى الارياني
ارتعشتا حدقتا عيناي و انا احدق في غير تصديق في عقارب ساعة الحائط التي اشارت الى التاسعة و النصف ليلا. ابني خرج عصر هذا اليوم ولم يعد ، هو لا يتأخر عن الثامنة او الثامنة و النصف ليلا فأين هو؟
موبايله القاه على سريره قبيل مغادرته للبيت، انه لا يتحرك بدونه فهل نساه ؟ كنت اروح و اجيء في الغرفة، بلا حيلة ، او لعل قاع الغرفة تزلزل. داخل رأسي افكار متنكرة في زي جمر في موقد. اين ابني حبيبي صاحب الأربع عشرة شمعة؟ صاحب خطوة غضة تاتا تاتا في درب الشباب؟ صاحب شنب خفيفيعلو ثغر جميل ، خطته ريشة حمامة لم تحترف الرسم بعد.
لم استطع استجماع اعصابي ،ارتعدت ، كأنما قذفتني قنبلة ذرية في اصقاع الاسكيمو! اقترب زوجي بوجه كالح يشبه لون صنعاء الحزين ، مستفسرا:- " هل سنقضي الليل لا ندري اين الولد؟ هيا اتصلي بوالدة صديقه اسأليها اين هم؟ لعلنا نجد في اجابتها ما يبل الريق؟" هززت رأسي موافقة. ذهب فأحضر الموبايل. مددت يدي لأخذه فسقط من يدي بسبب رجفتي اللاإرادية ، فأخذه زوجي و اتصل ثم ناولني الموبايل وهو يضغط على قبضتي كي لا يسقط مني. في انتظار ان ترد ، طحنتني الوساوس القهرية فأمسيت طحين . توهمت انني اراه يتعرض لحادث مروع في خط الستين. تخيلته عائدا للبيت فتخترق ضلوعه شظية من صاروخ. راجع رصاصة يثقب عينيه السوداوين الجميلتين. لم تتوقف هواجسي الا بسماعي الأم تقول:-" آلو؟" بادرتها بارتباك كمن يتحدث الى مختطف :- " مساء الأين الأولاد؟" قهقهت من غلطتي اللفظية، تخيلت شكلها لأنني لم اكن قد قابلتها قط كساحرة شمطاء مستلقية فوق مكنسة. كنت ارتج كأنما اتلقى شحنات كهربائية. ويح قلبي ما اعز الأبن . اجبرني يا جابر القلوب. اجابتني :- " يوه يوهيوه. اما استأذن منكم؟ لا ، هذا غلط منه. لقد ذهبوا لمدة عشرة أيام في دورة ثقافية بأمور الدين لدى أنصار الله." لم أستوعب مما قالته شيء. نحن و ابننا نفقه أمور ديننا جيدا إذ لم نعتنق الاسلام منذ شهر ، فلماذا يروح؟ افقت وانا فوق السرير مبللة الوجه و الصدر. ادركت انني فقدت وعيي. على حافة السرير انحنى زوجي يحيط رأسه بكفيه و يبكي. لم ابكِ. كيف ابكي وانا لم افهم؟ ابني راح ، اين راح ابني ؟ الا يكفي اذا تمنينا ان نخرج لأي مكان، اننا نحسب سعر البترول او سيارة الاجرة ثم نعدل عن الخروج. الا يكفي اذا اشتهينا ان نطهو غداء حلو ذكرنا سعر الغاز و صرفنا نظر وطبخنا القليل ؟ الا يكفي اننا اساسا بلا رواتب ، الا يكفي اننا ُنقصف أرض وجو الا يكفينا اننا نهان و نغترب و نحن في ربوع اليمن؟ ؟ الا يكفي اننا جوعى ، فقراء ، مساكين؟ الا يكفي ان عملتنا ترتفع بين الساعة و الاخرى؟ الا يكفي ان التبضع من سوبر ماركت هو تبضع شاهد و لا تلمس ، او بالأحرى فيلم هندي مبكي حزين؟ الا يكفي اننا خسرنا طمأنينتنا وفقدنا الأمان؟ الا يكفي كل هذا ، و زد على ذلك يرسلون اولادهم للدراسة في الخارج ، و من في اليمن يزوجونهم ويستقطبون فقط ابناء الناس على وليمة الموت ويرخصون لهم الشهادة؟ اما صحيح انجاس!
هذه المرأة غولة بكل ما في الكلمة من معنى. هي ، زوجها و عائلتيهما من محبي انصار الله ،يحبوهم لا اعتراض، على عافية عافيتهم! لكن يأخذون ابننا لتلقينه اصول عقيدتهم و نحن عقيدتنا ليست مثل عقيدتهم، لماذا ؟ لا ندق الصدور ، لا نلعن الصحابة، لا نزغرد اذا مات صغارنا، لا نشعل الحرب في اليمن اليوم بسبب عباد ماتوا منذ ما يزيد عن الف عام.لا نفتتح مشاريع من مقابر، لا نسعى لنشر القات بشكل فيروسي لأن نتائجه تخدم مصالحنا. نحن لسنا لا من انصار الله و لا حتى نحب الحوثة فلماذا يأخذون ابننا دونا عن عجول البقر و الثيران المحبين لهم؟ يريدون اختراق من يرفضهم بنصل سيف في يد احبتهم.
صباح اليوم الثاني ونحن لم نغمض ، اتصل والد صديق ابننا لزوجي فطمئنه انهم غير قاصدين الجبهة ، و انها فقط يتثقفون في شئون دينية. يعني خلاص انتهت المدارس و نزح كل المعلمين، حلقات ائمة المساجد وانقرض النت، و الكتب ، لكي تعلمونهم انتم يا من وصف زعيمكن معاهد تعليم اللغة الانجليزية مراكز مجون و خلاعة؟ سمعت زوجي يرجو من والد صديق ابننا رقم المشرف الذي رافقهم ،معبرا عن شوقه لسماع صوت ابننا ، غير انه ادعى انه ليس لديه أي علم به و ان لا ثمة ما يستوجب القلق.
ليس لدي سواه يا سواد قلوبكم. ليس لدي سواه يا وحشة اليمن من بعدك يا روحي. ليس لدي مستقبل ، و لا أمل ، و لا سند الا فيه. انه فرحي و شبابي الذي اودعته لديه . سمعت زوجي يقول لوالد صديق ابننا :- " دورة ثقافية في الامور الدينية لشخص مسلم المولد و التنشئة تصرف غريب. يتلقى دورات مماثلة من اسلم للتو بعد اعتناقه الاسلام اما نحن فنصلي ، نصوم ، نحج، نزكي ونتصدق ونحسن. اخشى ما اخشاه بسبب سنه ان تأخذه الحمية و يذهب الى الجبهة و يعود الينا لكن شهيد." قال له والد صديق ابننا -:" هذا اذا كان ربي يحبه. ليس كل المقاتلين يحضون بهذه المرتبة العليا ."
كنت اتصل لوالدة صديق ابني يوميا لأطمئن على ابني. في البدء كانت تجيبني ثم ضاقت بلوعتي الحرى ، فحظرتني- تبا لها - من الوتس أب و منعت اتصالي بها . كنت واثقة انها تطمئن على ابنها و الا ما سر رباطة جأشها تلك؟ عندما اصبح اتصالي بها ممنوع... استغربت ، كيف الاتصال ممنوع و الاختطاف وغسيل المخ مسموح؟ ما هذه النظرية الضيزى؟ بعد ان عطلت والدة صديق ابني كل وسيلة تواصل معها صارحت زوجي اننا اغفلنا. لم نبحث في هوية اصدقاءه. فقط لاحظنا ان شعره صار اشعث طويل. انتبهنا انه يسمع الزوامل فلم نستهجن لأن بعضها يرفه عن النفس بكوميديته مثل صنعاء بعيدة .لفت نظرنا متابعته لقناة المسيرة و دفاعه عن انصار الله. كان غسيل دماغه واضحا جليا فلم نحقق معه في أي غموض اعتراه. كان اكثر ما كنا ننكت بكل غباء عليه ، ترديده لكلمة سابر. اذا قلت له هل اجهز لك عشاء؟ قال سابر. اذا قلت له توقف عن استخدام موبايلك و نام رد سابر. اذا سألته هل سمعت؟ والدك يناديك. اجاب سابر. وصل به الأمر من التطرف في ترديد هذه الكلمة ان يجيبني بسابر حتى اذا قلت له صباحا صباح الخير يا نوري الوضاح !!اين ابني الأن لأقول له ان بعد رحيله لا شيء سابر. لأحكي له كيف ان " سابر" خربت بيتنا ، شتت قلوبنا و افزعت لمة شملنا. أين انت يا ابني؟ لأصفعك كف اذا سمعتك تقول سابر. لأسبك و العنك بأقذع الالفاظ اذا صدر عن فمك كلمة سابر. الم تلحظ الى اين اخذتنا هذه الكلمة المقيتة؟ سابر ! سبروا المقابر أل سابر، سبروا الخوف من النسوة الفتوات آل سابر، سبروا لهم الفلل والسيارات ، يا سابر ، سابر للجبهة و ظل هناك مسابر حتى تعود مسابرا في صندوق السوابر مغطى بلحاف السبر. يا سابر ، سابر لكم سابر.
عقب خمسة أيام مرضت. اخذني زوجي للطبيب ، ناهرا إياي من الانهيار هكذا ، مؤكدا على ضرورة شد الأزر و شحذ الهمة حتى نتغلب على هذه المحنة المصيرية في حياتنا. صار لدي فوق الطاولة أربعة علب من الأدوية. هل تصدقني يا قارئي اذا قلت لك اقسم بالله العظيم ما اردت عافية قط اكثر مما اريد ابني احتضنه الى صدري. انا الان ارسل للسطور قهري. لست ادري أيرجع ابني و هو ابني ام يرجع و هو صبي آخر ، ليس ابني. انا فعلا خائفة لأنني لا أدري. لكن... ادعوا معي. يا رب يرجع ابني ، يا رب يرجع ابني. يا قوم سابر ، انتم لستم سابرين!
هذه المرأة غولة بكل ما في الكلمة من معنى. هي ، زوجها و عائلتيهما من محبي انصار الله ،يحبوهم لا اعتراض، على عافية عافيتهم! لكن يأخذون ابننا لتلقينه اصول عقيدتهم و نحن عقيدتنا ليست مثل عقيدتهم، لماذا ؟ لا ندق الصدور ، لا نلعن الصحابة، لا نزغرد اذا مات صغارنا، لا نشعل الحرب في اليمن اليوم بسبب عباد ماتوا منذ ما يزيد عن الف عام.لا نفتتح مشاريع من مقابر، لا نسعى لنشر القات بشكل فيروسي لأن نتائجه تخدم مصالحنا. نحن لسنا لا من انصار الله و لا حتى نحب الحوثة فلماذا يأخذون ابننا دونا عن عجول البقر و الثيران المحبين لهم؟ يريدون اختراق من يرفضهم بنصل سيف في يد احبتهم.
صباح اليوم الثاني ونحن لم نغمض ، اتصل والد صديق ابننا لزوجي فطمئنه انهم غير قاصدين الجبهة ، و انها فقط يتثقفون في شئون دينية. يعني خلاص انتهت المدارس و نزح كل المعلمين، حلقات ائمة المساجد وانقرض النت، و الكتب ، لكي تعلمونهم انتم يا من وصف زعيمكن معاهد تعليم اللغة الانجليزية مراكز مجون و خلاعة؟ سمعت زوجي يرجو من والد صديق ابننا رقم المشرف الذي رافقهم ،معبرا عن شوقه لسماع صوت ابننا ، غير انه ادعى انه ليس لديه أي علم به و ان لا ثمة ما يستوجب القلق.
ليس لدي سواه يا سواد قلوبكم. ليس لدي سواه يا وحشة اليمن من بعدك يا روحي. ليس لدي مستقبل ، و لا أمل ، و لا سند الا فيه. انه فرحي و شبابي الذي اودعته لديه . سمعت زوجي يقول لوالد صديق ابننا :- " دورة ثقافية في الامور الدينية لشخص مسلم المولد و التنشئة تصرف غريب. يتلقى دورات مماثلة من اسلم للتو بعد اعتناقه الاسلام اما نحن فنصلي ، نصوم ، نحج، نزكي ونتصدق ونحسن. اخشى ما اخشاه بسبب سنه ان تأخذه الحمية و يذهب الى الجبهة و يعود الينا لكن شهيد." قال له والد صديق ابننا -:" هذا اذا كان ربي يحبه. ليس كل المقاتلين يحضون بهذه المرتبة العليا ."
كنت اتصل لوالدة صديق ابني يوميا لأطمئن على ابني. في البدء كانت تجيبني ثم ضاقت بلوعتي الحرى ، فحظرتني- تبا لها - من الوتس أب و منعت اتصالي بها . كنت واثقة انها تطمئن على ابنها و الا ما سر رباطة جأشها تلك؟ عندما اصبح اتصالي بها ممنوع... استغربت ، كيف الاتصال ممنوع و الاختطاف وغسيل المخ مسموح؟ ما هذه النظرية الضيزى؟ بعد ان عطلت والدة صديق ابني كل وسيلة تواصل معها صارحت زوجي اننا اغفلنا. لم نبحث في هوية اصدقاءه. فقط لاحظنا ان شعره صار اشعث طويل. انتبهنا انه يسمع الزوامل فلم نستهجن لأن بعضها يرفه عن النفس بكوميديته مثل صنعاء بعيدة .لفت نظرنا متابعته لقناة المسيرة و دفاعه عن انصار الله. كان غسيل دماغه واضحا جليا فلم نحقق معه في أي غموض اعتراه. كان اكثر ما كنا ننكت بكل غباء عليه ، ترديده لكلمة سابر. اذا قلت له هل اجهز لك عشاء؟ قال سابر. اذا قلت له توقف عن استخدام موبايلك و نام رد سابر. اذا سألته هل سمعت؟ والدك يناديك. اجاب سابر. وصل به الأمر من التطرف في ترديد هذه الكلمة ان يجيبني بسابر حتى اذا قلت له صباحا صباح الخير يا نوري الوضاح !!اين ابني الأن لأقول له ان بعد رحيله لا شيء سابر. لأحكي له كيف ان " سابر" خربت بيتنا ، شتت قلوبنا و افزعت لمة شملنا. أين انت يا ابني؟ لأصفعك كف اذا سمعتك تقول سابر. لأسبك و العنك بأقذع الالفاظ اذا صدر عن فمك كلمة سابر. الم تلحظ الى اين اخذتنا هذه الكلمة المقيتة؟ سابر ! سبروا المقابر أل سابر، سبروا الخوف من النسوة الفتوات آل سابر، سبروا لهم الفلل والسيارات ، يا سابر ، سابر للجبهة و ظل هناك مسابر حتى تعود مسابرا في صندوق السوابر مغطى بلحاف السبر. يا سابر ، سابر لكم سابر.
عقب خمسة أيام مرضت. اخذني زوجي للطبيب ، ناهرا إياي من الانهيار هكذا ، مؤكدا على ضرورة شد الأزر و شحذ الهمة حتى نتغلب على هذه المحنة المصيرية في حياتنا. صار لدي فوق الطاولة أربعة علب من الأدوية. هل تصدقني يا قارئي اذا قلت لك اقسم بالله العظيم ما اردت عافية قط اكثر مما اريد ابني احتضنه الى صدري. انا الان ارسل للسطور قهري. لست ادري أيرجع ابني و هو ابني ام يرجع و هو صبي آخر ، ليس ابني. انا فعلا خائفة لأنني لا أدري. لكن... ادعوا معي. يا رب يرجع ابني ، يا رب يرجع ابني. يا قوم سابر ، انتم لستم سابرين!
0 تعليق على موضوع : قوم سابر ، ليسوا سابرين
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات