شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

كيف أذابت السعودية جليد الثلج الأسود - بفلم : جمال بنون




< نعم كانت هناك أيادٍ خفية في السعودية تتشكل من المتنفذين وأصحاب المصالح في المناصب العليا، وبعض رجال الأعمال، يتبعهم بعض الموظفين الصغار، الذين يغريهم بعض المال لشراء ذممهم، وتمرير المعاملات، والأوراق. الأيادي الخفية عملت منذ عقود، ولم تجد من يوقفها، أو يحدها من الاستمرار في مصالحها الشخصية، وهو ما يسمى التكسب غير المشروع، ومن خلال هذه الأيادي تم سرقة ونهب الكثير من مقدرات ومكتسبات البلد، يكون في ظاهرها مشاريع تنموية، بينما هي في الحقيقة كعكة يتقاسمها كل الأطراف، وتدريجياً تحولت إلى جليد أسود مخيف، وبدأت تشكل خطراً على المسار التنموي والاقتصادي، وخطط البناء، التي بدأتها حكومة الملك سلمان من أجل إعادة البلد إلى وضعه الصحي، فكان عليها أن تزيح الجليد الأسود، وتذيبه أولاً، إذا ما أرادت التقدم نحو الأمام، واعتلاء الصفوف المتقدمة عالمياً.

الأيادي التي كبرت في الظلام، كانت تشكل قلقاً للقيادة السعودية، وبخاصة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ومعه فريق عمل محترف. السعودية تملك من الأصول والودائع في البنوك الكبرى في العالم، وسندات استثمار في الخارج، تقدر بأكثر من 3 تريليونات ريال، وأكثر من تريليون ريال ودائع مالية في البنوك المحلية، فضلاً عن موازنة سنوية تقترب من تريليون ريال، ولكن حينما تنظر على أرض الواقع لا ترى أثرها على حياة المواطنين، القطاعان الصحي والتعليمي كانا يستقطعان 45 في المئة من قيمة الموازنة السنوية، وفي نهاية المطاف تغيب بعض المشاريع عن التنفيذ لان الأيادي التي نعنيها تمكنت من إحكام قبضتها على أهم مفاصل التنمية، وكان السؤال القائم: إذا كانت كل هذه الموازنات تعتمد سنوياً فلماذا لا تخلق فرص عمل، وتحسن الرواتب، وترى المشاريع التنموية؟

الأمر الملكي بإنشاء لجنة عليا برئاسة ولي العهد لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة، هو استكمال لما بدأه الملك سلمان من سلسلة الإصلاحات ومكافحة الفساد، فبدأ أولاً من الرؤوس الكبيرة التي كانت تستفيد من موقعها، كان من الضروري مواجهتهم بالقانون، لهذا ضمت اللجنة في عضويتها رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، وهي بذلك تؤسس لدولة القانون، التي تقاضي وتحاكم بموجب الأنظمة، وليس وفق أهواء أو استغلال منصب.

من يتابع السعودية منذ أن تقلد الملك سلمان الحكم، سيعرف أن مكافحة الفساد أخذت وتيرة متابعتها بشكل تدريجي وسريع للوصول إلى قمة الهرم، بدأت بتصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنه لن ينجو أي شخص في قضية فساد، للمرة الأولى منذ خمس سنوات نشرت هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) في عام 2016 تقريراً مفصلاً، وفي أحد تقاريرها أشارت إلى أنها اكتشفت 306 قضايا فساد وإهمال وتلاعب، ووقفت على 400 مشروع فيها فساد مالي وإداري في العقود، ولن نتحدث عن بقية الأرقام، التي أوردتها «نزاهة»، وأيضاً تقارير ديوان المراقبة العامة أشارت في تقريرها العام الماضي، إلى رصد صرف نحو 42 بليون ريال من دون وجه حق، وأنها استعادت فقط بليوني ريال، وأشار التقرير إلى أن ديوان المراقبة يشكو من طول الجلسات والإجراءات لاستعادة تلك المبالغ إلى خزانة الدولة، ومن النقاط التي أشار إليها تقرير ديوان المراقبة العامة أن هناك العديد من البدلات، التي تصرف للعسكريين، ويحصل غالباً فيها كثير من الأخطاء، إضافة إلى كل هذه التقارير والمؤشرات فأن البلد تغرق في فساد مالي تام وعقود ومشاريع وهمية، في المقابل، كانت الثروات الشخصية لبعض الشخصيات من رجال الأعمال تنمو بشكل لافت، وفي تقرير سابق لمؤسسة النقد السعودي أشارت إلى أن تجارة المخدرات هي المصدر الأول لجرائم غسل الأموال في السعودية، بنسبة 80 في المئة، وتم الاشتباه بنحو 33 ألف حالة. وكان تقرير للبنك الدولي نشر قبل أعوام أشار إلى الفساد المالي والإداري في السعودية، وتشكل الاقتصاد الخفي، الذي يقدر بنحو 300 بليون ريال، منها التحويلات غير الشرعية للأموال، والأنشطة العقارية، والبناء والتشييد والأنشطة الخدمية، وقطاع الجملة والتجزئة. وبحسب دراسة أعدها الدكتور خالد البسام من جامعة الملك عبدالعزيز فأن عملية غسل الأموال أسهمت في نمو عرض النقود في أموال المصارف السعودية، بنسبة 18 في المئة سنوياً، وهي معدلات عالية ومتسارعة تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، كما أن مضاعفة أسعار العقارات تشير إلى وجود عمليات غسل أموال بشكل قاطع.

الإعلان التاريخي للسعودية لمواجهة الفساد بقوة القانون هو تغيير في منهجية الحكومة للمرحلة المقبلة، وامتداد للرؤية، التي بدأتها، وهو إزاحة أية عقبة تقف في سبيل التنمية، والانطلاق نحو المستقبل بكل شفافية، وأيضاً إظهار قوة الدولة وقدرتها على الوقوف أمام كل من يقف ضدها سواء فكراً متطرفاً أم حكومة خفية، أم لصوصاً من فئة خمسة نجوم، وهنا تقع على المواطن مهمة أن يكون سنداً للملك، وولي العهد في الإبلاغ بشكل حضاري وقانوني عن أي تلاعب أو قصور يلاحظه، ولا يتسرع في الاتهام، ويشعر بالمسؤولية والمواطنة الحقيقية، بصرف النظر عن الأشخاص الذين تم القبض عليهم أو التحفظ لحين انتهاء التحقيق، الخطوة بحد ذاتها جريئة وغير مسبوقة، وقد تكون نموذجاً رائعاً لبلدان عربية أخرى ترغب في إصلاح مجتمعها ومكافحة الفساد المالي. سيبقى الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وفريقه المهني، علامة فارقة في تاريخ السعودية للأجيال المقبلة

* صحافي وكاتب اقتصادي.

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : كيف أذابت السعودية جليد الثلج الأسود - بفلم : جمال بنون

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017