شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

أدبيات البنا.. السياسة والدولة والسلطة





جماعة الإخوان قامت أفكارها ومسارها على تسييس الإسلام كمشروع سلطة فحسب البنا 'الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه'.

خلاصة من بحث عمار علي حسن'أدبيات حسن البنا السياسية'، ضمن الكتاب 129 (سبتمبر/أيلول2017)'الدولة في التنظير العربي والإسلامي...' .الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي

لم يكن حسن البنا (1906-1949) مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون" عام 1928 مفكرا سياسيا، فالمعروف عنه، والمشهود له، بشكل عام، أن "التنظيم" لديه أولى وأهم من "التفكير"، وفي أغلب ما ورد عنه، أو نسب إليه، يغلف البنا تصوراته السياسية بإنشائية وخطابية ظاهرة، تفتقد إلى ما يقتضيه العلم من نسبية وتحديد وقابلية للاختبار، الأمر الذي يجعلها تقترب من الدعاية السياسية وليس من الآراء الفقهية ولا النظريات والأفكار السياسية.

رؤية البنا السياسية:

الأصول العشرون: وهي عبارة عن بعض القواعد التي تضبط التفكير والحركة الدينية، وتنبني بالأساس على مزيج من التصوف، حيث كان البنا ينتمي في بداية حياته إلى الطريقة "الحصافية"، وبين السلفية التي رسخت كتابات رشيد رضا لها في المجال العام للحركة الإسلامية المسيسة. تتسم هذه الأصول بأنها عريضة وواسعة، إذ تبدأ بنقد ما يسرده البعض عن عالم الرؤى والأحلام، ثم الهجوم على كل ما يأتيه الناس من التمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب. وتنتهي باتباع الإمام، وتحديد من ينطبق عليه حكم الكفر، مرورا بالحديث عن "شمولية الإسلام".

تعطي هذه الأصول لرأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه سلطة اختيار، وإقرار الأحكام وفق الظروف والعرف والعادات فيما لا نص فيه أيضا.

تطالب كل مسلم بأن يتبع إماما من أئمة الدين، ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في التعرف على أدلته، وأن "الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء، ولكل مجتهد أجره، وكل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ثم تتناول بعض الجوانب العقدية مثل الإيمان بالآيات المتشابهة من غير تعطيل ولا تأويل وموقفهم المناهض للبدع في الدين".

وتنتهي الأصول بتحديد الموقف من مسألة التكفير حيث يقول البنا: "ولا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض -برأي أو بمعصية- إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة, أو كذب صريح القرآن، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر"، وبذا يكون البنا قد فتح الباب واسعا أمام التكفير، ولا يقلل من هذا قوله بأن الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب.

تسييس الإسلام: على الرغم من أن القرآن الكريم نص صراحة على أن الإسلام دعوة خاتمة للبشرية جمعاء وليس دولة، فإن البنا يذهب في الاتجاه المعاكس. فالقرآن يخاطب النبي قائلا: "فذكر إنما أنت مذكر. لست عليهم بمسيطر" وفي هذا نزع السلطان الدنيوي عنه أو الملك لأن جوهر الأخير هو السيطرة والتحكم، سواء بالبطش والقهر أو بالعدل والحكمة. وما كانت للرسول هي سلطة روحية قادت من حوله إلى أن يضعوه في موضع الصدارة في تسيير مسائل حياتية مادية، لكن ظل ما أتى به، بشيرا ونذيرا، منبعه النبوة وليس الملك، وطريقه هو دعوة الناس إلى الإيمان وليس إلى السلطان. ومع هذا أقامت جماعة الإخوان أفكارها ومسارها على تسييس الإسلام، أو تحويله إلى مشروع سلطة أو ملك، وهي مسألة تتضح بجلاء في قول حسن البنا: "الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه، ويعتمد على التنفيذ، كما يعتمد على الإرشاد، والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول.

رؤية في الدولة

ينظر حسن البنا إلى الدولة التي كان يسعى إليها على أنها "دولة دعوة" محكومة بسلطان الشريعة، وذلك انطلاقا من المبدأ السياسي الإسلامي، الذي استوى على سوقه في زمن الأمويين، الذي كان يرى أن وظيفة الحاكم هي "حراسة الدين وسياسة الدنيا". ولذا فإن الدولة في نظر البنا هي التي تنشر الدعوة، وتنظم الجهاد، وتسعى لتحقيق "الأخوة الإسلامية" وتمكين الإسلام، ونشر رسالته. وبذا فيجب أن تكون دولة مرهوبة الجانب، حسب رؤيته.

ورأى البنا أن الدولة التي ينشدها يجب أن تتأسس على أركان تتواءم مع تصور القرآن، فتهتم بمختلف العبادات وعلى رأسها الصلاة والزكاة والصيام، وتهتم بالأخلاقيات العامة مثل العفة والترشيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقيم شكلا من التعامل بين الحاكم والمحكوم، فيرعى الأول الثاني، ويطيع الثاني الأول، وتعمل على بناء شخصية المسلم القادر على العمل والكسب، والمتزود بالعلم والمعرفة، والحريص على بدنه وحواسه وفهمه.

ويحدد البنا ركائز قوة الدولة في تكييف نظامها الاجتماعي وفق التصور القرآني، ووجود قيادة سياسية قوية وموحدة، واتباع لامركزية الحكم، بحيث تمتد إلى المال العام والجيش والإدارة المحلية، والتمسك بالخصوصية الحضارية والإبداع في إطارها مع الاستفادة من عطاءات الحضارات الأخرى، وضرورة الالتزام الإيماني من دون هيمنة المؤسسة الدينية على المؤسسة السياسية.

رؤية في السلطة

تنطلق الرؤية السياسية لحسن البنا في هذه الناحية من ضرورة وجود إمام على أي جماعة مهما كان عددها؛ لأن غير ذلك فوضى لا يقرها الإسلام. ولهذا الإمام، ويعني هنا الحاكم، الطاعة إن التزم بالشرع، وهنا يقر البنا بأنه إذا وجد الحاكم الذي يتبع منهج الإسلام في حكمه فسيصبح الإخوان جنوده وأنصاره وأعوانه. وإن لم يوجد هذا الحاكم فسيعملون على استخلاص الحكم ليتولاه شخص منهم يطبق منهجهم في الحكم، وهو الحكم بكتاب الله وسنة رسوله.

وضع البنا طريقين للتغيير، الأولى: تعتمد على الوصول إلى القاعدة العريضة من الناس، والثانية: تنصب على تغيير النخبة والطبقة الحاكمة، وذلك من خلال الوسائل الدستورية كدخول الانتخابات ومزاولة أعمال السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية. يرفض البنا الثورة كطريق للتغيير، ويشكك في جدواها، وقدرتها على إصلاح المجتمع، لكنه لا ينفي احتمال قيام ثورات جراء الظلم والفساد، لكنها إن قامت فلن يكون للإخوان علاقة بها، حيث يقول: "إن الحال إذا دامت على هذا المنوال، ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وسريع لهذه المشاكل، فسيؤدي ذلك حتماً إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال وإهمال مرافق الإصلاح. ليست هذه المشاكل التي تتعقد بمرور الزمن ويستفحل أمرها بمضي الأيام إلا نذيراً من هذه النذر فليسرع المنقذون بالأعمال".

ويرى حسن البنا أنه من الأفضل الأخذ بالنظام البرلماني لأن النظام الرئاسي يجعل الرئيس هو المتحكم في كل شيء والوزراء يصبحون تابعين له، وهو في رأيه هذا كان يجاري السياق السياسي العام في مصر آنذاك. وأن النظام الدستوري النيابي هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، هذا على حد تعبير حسن البنا.

لكن لم يلبث البنا أن ناقض نفسه حين رأى أنه ليس من الضروري أن يكون هناك تعددية حزبية، بدعوى أنها تؤدي إلى تفرقة صفوف الأمة، إنما يجب أن يقوم هذا النظام على وجود حزب واحد أو عدم وجود أحزاب سياسية. فالبنا كان يرى أن الأحزاب مفرقة لا مجمعة، وأن قادتها يأخذونها سببا للوجاهة الاجتماعية، ولذا كان يطالب بـ"القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية في وجهة واحدة وصف واحد".

بالنسبة للسلطة القضائية فهو يرى أنها المنوط بها تحقيق العدل بين الناس، لذلك لا بد من استقلالها حتى لا تخضع لأي ضغوط مادية أو معنوية تؤثر على حياديتها، وكان هذا مفهوما في ظل ترسخ هذه الثقافة في المجتمع المصري آنذاك، لا سيما أن النخبة السياسية المتمكنة كانت من الحقوقيين.




كاتب الموضوع

alnafisa alzaher

0 تعليق على موضوع : أدبيات البنا.. السياسة والدولة والسلطة

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017