شبكة الدانة نيوز -- المقالات  شبكة الدانة نيوز -- المقالات



random

آخر الأخبار

random

جاري التحميل ...

«النهضة».. سرقة تونس بالتظاهرات


مع كل يوم جديد تزداد الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بتونس، تعقيداً أو احتداماً.. وتنذر بمزيد من التدهور في مختلف مجالات الحياة في البلاد. 

أزمة زادت استعاراً مع الخلاف بين راشد الغنوشي (رئيس البرلمان، وزعيم حركة «النهضة» الإخوانية) ورئيس الوزراء هشام المشيشي من ناحية، وقيس سعيّد رئيس الجمهورية من ناحية أخري.

يزيد من خطورة الصراع السياسي والدستوري المتصاعد أنه يجري على خلفية تدهور اقتصادي مستمر، وإضرابات ومظاهرات واعتصامات لا تنقطع لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية وأعمال عنف وإرهاب تنتشر في المناطق الجبلية الجنوبية من البلاد، وتمتد إلى المدن، ويشير معظم المراقبين إلى أن هذه الأوضاع كلها هي نتيجة منطقية لعشرة أعوام من حكم حركة «النهضة» الإخوانية الذي يتسم بعدم الكفاءة وغياب الاستقرار، وانتشار الفساد.

الأزمة السياسية السبب المباشر للأزمة الدستورية التي تفجرت مؤخراً هو أن حركة «النهضة» كبرى أحزاب البرلمان وقائدة الائتلاف الحكومي دفعت رئيس الوزراء الموالي لها هشام المشيشي لإجراء تغيير وزارية واسع النطاق، شمل (11 وزيراً) من بين أعضاء الحكومة دفعة واحدة، وبعد أربعة أشهر فقط من تشكيل الحكومة، ودون تشاور مع رئيس الجمهورية، والأمر الذي لا يقل أهمية هو أن أربعة من بين الوزراء الجدد تحيط بأحدهم شبهات فساد مباشرة، وتحيط بالثلاثة الآخرين شبهات «لتعارض المصالح» وهي تسمية مهذبة للفساد.

وهنا أعلن قيس سعيد أنه لن يدعو الوزراء الأربعة المشتبه فيهم، لأداء اليمين الدستورية أمامه الأمر الذي يمنعهم من استلام مهامهم الحكومية.

ومن الأهمية، يوجب توافر حد أدنى من الاتفاق بين هذه الأطراف لتيسير إدارة الدولة، فالرئيس هو الذي يعين رئيس الوزراء، والبرلمان هو الذي يمنح الحكومة الثقة ويمنح الدستور الرئيس حق إقالة الحكومة، وكذلك حل البرلمان في ظروف محددة، بينما لا يحق للبرلمان عزل الرئيس لأنه منتخب من الشعب مباشرة.
معركة خاسرة أخلاقياً
والحقيقة أنه بغض النظر عن التأويل، فإن معركة «النهضة» بخصوص الوزراء الأربعة خاسرة سياسياً وأخلاقياً، لأنه من غير المعقول فرض تعيين وزراء تحيط بهم الشبهات!!
ونود هنا أن نعيد إلى الذاكرة أن «النهضة» وحلفاءها كانوا يريدون سحب الثقة من رئيس الوزراء السابق (إلياس الفخفاخ) – العام الماضي – بعد أن أحاطت به شبهات – لم تثبت – لتعارض المصالح.. لكن هذا لم يحدث لأن الرئيس سعيد طلب من الفخفاخ تقديم استقالته.
الواقع أن الغنوشي والمشيشي ورفاقهما، قرروا خوض معركة محكوم عليها بالخسارة الأخلاقية، ومن ثم السياسية.
التمكين.. وتركيا.. أهل المشكلة
والحقيقة أن السببين الأعمق للأزمة السياسية والدستورية في تونس يكمنان في الأمرين التاليين:
* أولاً: نظرية «التمكين» التي يعتنقها «الإخوان» في كل مكان يصلون فيه إلى السلطة أو يقتربون منها. بمعني محاولة فرض السيطرة الكاملة على السلطة السياسية، ومصادر القوة الاقتصادية ومفاصل الجهاز الإداري للدولة ( وقد رأينا أمثلة فجة لهذا في مصر في سنة حكم الإخوان).. وهذا أحد أهم أسباب فشل إدارتهم للاقتصاد وأجهزة الإدارة في تونس لمحاولتهم فرض (الموالين ولي (الاكفاء) في المناصب القيادية، كما أنه أحد أهم أسباب عدم استقرار الحكومات المتعاقبة وضعف أدائها).
* ثانياً: ارتباط «النهضة» بتركيا وبالتنظيم الدولي «للإخوان المسلمين».




وباختصار فإن للصراع حول مسالة الوزراء الأربعة أسباباً أعمق بكثير من «المماحكات الدستورية» حول الموضوع.
وبسبب كل ما ذكرناه يبدو من الصعب تصديق كلمات الغنوشي الناعمة حول «الحوار» و«التعاون».. في المظاهرة الضخمة التي حشد لها أنصاره من كل أنحاء تونس (السبت 27 فبراير) والتي تمثل في الجوهر (استعراضاً للقوة) وتصعيداً للتوتر السياسي.
الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
تحدثنا فيما سبق عن مسؤوليات «النهضة» عن تدهور الاقتصاد التونسي خلال الأعوام الأخيرة. ثم جاءت جائحة كورنا لتزيد الأمر سوءاً إذا قدر صندوق النقد الدولي نسبة الانكماش الاقتصادي ب (%8.8) عام 2020 ( RT – رويترز – 27 فبراير 2012) وسبق أن توقع البنك الدولي أن يكون الانكماش هذا العام 2021 حوالي -(6 %) «نشرة البنك بتاريخ 23-11-2020» .. وقدر الصندوق نسبة العجز المالي للحكومة التونسية ب 11.5% من الناتج المحلي تزيد إلى 17.6% العام الجاري.. وطالب الحكومة بخفض الاتفاق على فاتورة الأجور في القطاع العام، والحد من دعم الطاقة والاتفاق الحكومي عموماً لتقليص العجز، ومن شأن ذلك بالطبع أن يزيد من اتساعه نطاق الإضرابات والاحتجاجات الجماهيرية، وهو ما يؤدي إلى زيادة ضعف الحكومة إزاء مطالب (شروط) الصندوق.
علما بأن تونس تحتاج إلى ما لا يقل عن 7.2 مليار دولار من القروض لتمويل العجز مع ملاحظة الانخفاض الحاد في مواردها من العملة الصعبة، خاصة وأن دخل السياحة تراجع بنسبة 80% مقارنة بعام 2019، (اندبندنت عربية 5-8-2020 نقلاً عن مصادر حكومية – والأرقام كلها منقولة من مصادر حكومية تونسية أو دولية).
الانكماش الاقتصادي أدى إلى زيادة نسبة البطالة بنسبة 16% وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى 35.7%، بينما نقطع 52 ألف شاب عن الدراسة وأصبح (180 ألف) طفل وصبي يقومون بدور العائل الوحيد لأسرهم (موقع سكاي نيوز عربية – 19 ديسمبر 2020 نقلاً عن مصادر حكومية تونسية).
نتيجة لذلك كله اتسع نطاق الاحتجاجات الجماهيرية، وخاصة بين الشباب والكبار الذين نقدوا أعمالهم وأصبحت هذه الاحتجاجات ظاهرة يومية في العاصمة وأغلب المدن التونسية خلال الشهور الأخيرة، وتراجعت مصداقية الحكومة وحركة «النهضة» بدرجة كبيرة، الأمر الذي بات يمثل تهديداً لاستمرار الحكومة، خاصة وأن حالة الشلل الناتجة عن المناورات السياسية تجعلها عاجزة عن اتخاذ خطوات فعالة لوقف التدهور الاقتصادي أو حتى المواجهة الجدية لانتشار الوباء الذي حصد (8 آلاف) تونسي، وأصاب (231 ألفاً) ( سيموتنك -26/22021) وهي أرقام كبيرة بالنسبة لبلد عدد سكانه (11.6 مليون) نسمة.
وهكذا يبقي مستقبل تونس الخضراء مفتوحاً على سيناريوهات كئيبة بسبب عجز وانعدام كفاءة حكومة «النهضة».
* كاتب مصري

كاتب الموضوع

شبكة الدانة الاعلامية

0 تعليق على موضوع : «النهضة».. سرقة تونس بالتظاهرات

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhtNRmjx_UlCfdrZ46drcpO38rFltEv-Cic1BDDlTbrEu_jYvybafnAcAgh_xQvY9eA58T4vZPR2po6XgGqfsGzUP3MaOPekpsryhi2oh78x_lzyqOtZzTifUfUJYgNkUlu1Ku-A4epcUo/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25BA%25D9%2588+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25AF+%25D9%2582%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25B3+200+%25D9%2581%25D9%258A+250.gif





    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    فن تشكيلي

    فن تشكيلي
    لوحة مختارة من جاليري سفن تايمز

    مشاركة مميزة

    تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري

    بقلم : د. إيمان رجب * مع استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، تتزايد مناقشة مصير الإرهابيين الأجانب الذين سيخرجون ...

    الفلسفة والفلاسفة

    ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    شبكة الدانة نيوز -- المقالات

    2017