بينما كنت أتجوّل في صفحة الـ«إكسبلور» من تطبيق «إنستغرام»، لفت انتباهي فيديو لزوجين، يتصنّع فيه الزوج النوم، في حين تقوم الزوجة بوضع المساحيق على وجهه، ومن ثَمّ حلْق شعره بآلة حلاقة تُصدر ضجيجاً عالياً دون أن توقظه.. وعندما استيقظ الشاب تظاهر بأنه مشدوه للغاية، وخرج من داره مذهولاً لفعلتها وهي تركض خلفه.
لا أعلم من أين أبدأ، وكيف أحلل هذه التمثيلية المُضحكة المُبكية التي، للعلم، قد حصدت أكثر من نصف مليون «لايك» و5000 من النقد اللاذع. وحتى لا أكون انحيازية العقليّة، وجب علي طرح بعض الأسئلة:
لماذا يريد الزوجان صنع محتوى بهذا المستوى الفكري الهابط؟ ماذا يستفيدُ شابان من استثمار وقتهما وجهودهما في صنع محتوى لا يُفيد ولا يُزيد؟ ولماذا يروّجان لهذه العقلية التي لا ننتمي لها ثقافياً ولا دينياً ولا مجتمعياً؟
والجواب بسيط: إنها الإصابة بوباء #النرجسية_الرقمية، الذي في رأيي أصاب #جيل_الأنا، ولابد أن نبحث له عن دواء!
فقد بدأ هذا الوباء عند الكثيرين بفيروس #السيلفي، ثم تطوّر من هوس #تصوير_الذات إلى تصوير الآخرين لهم، وإلى #ديمقراطية_الشهرة، وتداول الناس لصورهم وآرائهم، ثم إلى رغبةٍ مُلحّة في أن يتناقل متابعوهم أفكارهم.
وهنا، لا يمكن لوم هؤلاء المصابين بـ #النرجسية_الرقمية لنشرهم التفاهات، وإنّما يقع العتاب على المتابعين، والداعمين، والناشرين، من أشخاصٍ ومنظمات وشركات تسويقية تساعد في بلورة العقلية النرجسية رقمياً.
ومما لا يفقهه كثيرٌ من المصابين بهذا الوباء المتفشي بين #جيل_الأنا ومتابعيهم، أنهم بنشرهم لهذه المحتويات لا يصنعون التاريخ ولا فِكراً جديداً ولا إنجازاً، وإنما يعملون لمصلحة «اللاشيء». وقد أصبح العالم الافتراضي للأسف هو المعمل الرئيس لبناء الهوية الإنسانية، وأصبحت المنصات الرقمية تستدرج الفارغين من الأجيال الجديدة، وتستخدمهم في محاربة العقول النيّرة وطعن القلوب النابضة بأوطانها.
فكيف نعالج هذه الظاهرة وهذا الوباء؟
نعملُ بكلمات قيادتنا.. ونظل نستثمر في شبابنا.. كأولياء للأمور، كمُجتمعٍ حريص، كمعلّمين وموجهين.. فنبني جيلاً واعياً، واعداً.. ليقول العالم كما قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في مقدمة كتابه #قصتي:
«هنا كانوا، هنا عملوا، هنا أنجزوا. هنا ولدوا، وهنا تربّوا. هنا أحبّوا، وأحبّهم الناس».
0 تعليق على موضوع : النرجسية_الرقمية / بقلم : هالة بدري
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات