دلالات الانتخابات النقابية.. عمر حلمي الغول
معركة الشعب الفلسطيني واحدة، وإن اختلفت الجبهات وخنادق المواجهة، وإن تباينت أو تناقضت أشكال وأساليب المواجهة بين معركة وأخرى. فالمعركة السياسية والدبلوماسية والقانونية والكفاحية والنقابية...إلخ، التي تخوضها القيادة الشرعية في المنابر المختلفة تصب في قناة تحقيق الأهداف الوطنية، وبالتالي رغم البون الشاسع بين معركة جبهات المواجهة في الميادين وعلى الحدود الفاصلة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية في قطاع غزة، وبين خوض انتخابات النقابات المهنية، في نقابتي المحامين والمهندسين، التي جرت يوم الجمعة الماضي، غير أنها تتكامل بقوة في المحصلة النهائية.
وهذا الربط لا يقصد به المغالاة والتطير، أو إحداث إسقاطات إرادوية رغبوية، ولكنها حقائق الأمور، فالانتخابات في النقابات، ومع انها تقتصر على الجانب المهني لهذه النقابة، أو ذلك الاتحاد الشعبي، فإن المنافسة فيما بين القوائم المشاركة بها، هي منافسة ذات خلفيات تنظيمية وسياسية، وبالتالي الفوز بها، هو بالنتيجة النهائية فوز سياسي وتنظيمي. فعندما تكتسح قوائم حركة فتح ومعها بعض فصائل منظمة التحرير كل المقاعد أو الأغلبية الساحقة في مجالس إدارات المحامين والمهندسين في الضفة والقطاع، وفي لحظة سياسية كالتي تعيشها الساحة الوطنية، فإن الفوز يحمل دلالات مهمة، لا بد من التوقف امامها، وإعطائها حقها، ومباركة جهود من وقف خلفها. ومن أبرز الدلالات، التي يمكن تسجيلها، هي الآتية: أولا انتصار الخط السياسي الوطني، الذي يمثله شخص الرئيس محمود عباس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"؛ ثانيا هزيمة خيار الانقلاب الحمساوي والقوى السياسية، التي تداهنه، أو تتساوق معه؛ ثالثا انحياز قطاعات المهن المذكورة، وهي قطاعات مهمة في الشارع الوطني إلى جانب خيار الوحدة الوطنية، والتمسك بالثوابت والمصالح العليا الفلسطينية؛ رابعا تعرية وجه الانقلابيين الحمساويين، الذين قاموا باعتقال عدد من المحامين الفائزين في محافظات القطاع، رغم ان الانتخابات جرت في مدينة غزة الخاضعة كليا لسيطرتهم، ولهيمنة أجهزتهم الأمنية، وهو ما يؤشر دلالة عميقة، تشير بشكل جلي وعميق، إلى إفلاس مشروعهم الانقلابي، ورفض الشارع الوطني والشعبي العام لهم ولخيارهم ولإرهابهم الأسود.
انطلاقا مما تقدم، أخلص إلى ان التهويش والديماغوجيا، التي يحاول قادة الانقلاب الحمساوي الترويج لها، باعتبارهم، هم من "يقود" الحراك الشعبي في "مسيرة العودة"، هو هراء ومناقض للحقيقة، لأن الجماهير الشعبية الفلسطينية، التي تلتزم بالفعاليات الوطنية، غالبيتها الساحقة من القوى الداعمة والمؤيدة لخيار الشرعية الوطنية، وهذا تمثل في الشعارات الوطنية، وفي تبني شكل وأسلوب النضال السلمي، وفي رفض خيار الانقلاب الحمساوي، رغم ان حركة الانقلاب تحاول استثمار المسيرات والفعاليات الوطنية لصالح مشروعها الانقلابي، لكن الشارع بعفويته وفطنته وتجربته طيلة الأحد عشر عاما الماضية من الانقلاب الأسود، لم يعد يصدق أية أكاذيب وشعارات ديماغوجية يطلقها قادة حركة حماس، حتى وهم يحاولون شراء ذمم بعض البسطاء من المواطنيين بالأموال، التي وصلتهم من دولة اقليمية، فلم يفلحوا في استقطاب الشارع. كما ان الجميع يعلم ان المسيرة لها لجنة وطنية عليا، تتمثل فيها كل القوى السياسية وعلى رأسها حركة فتح، وبالتالي السعي لركوب موجة مسيرة العودة، هو سعي ساذج، والشارع الوطني، لا أريد القول، إنه يتبرأ منها، لكنه في مطلق الأحوال، لا يتساوق معها، وبات رفضه لها عميقا في مختلف مجالات الحياة.
ولعل تلميع وسائل إعلام دولة الاستعمار الإسرائيلية لحركة حماس، يشي لأي مراقب بالكثير من الأسئلة والاستنتاجات في ذات الوقت، لأن الرغبة جامحة بغض النظر عن تلك التلميعات، بالانشداد لإعادة جسر المصالحة والوحدة، مع ان حركة الانقلاب الأسود قطعته يوم استهدف موكب رئيس الوزراء ورئيس جهاز المخابرات في 12 آذار/مارس الماضي.
انتخابات نقابتي المهندسين والمحامين، وفوز فتح ومن معها من فصائل العمل الوطني، هو فوز ساحق للشرعية عموما وشخص الرئيس ابو مازن خصوصا ولخياره السياسي، وبالطبع لحركة فتح، قائدة النضال الوطني التحرري.
oalghoul@gmail.com
2018-04-08
0 تعليق على موضوع : دلالات الانتخابات النقابية.. عمر حلمي الغول
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات