أُعطِيت إذن كل هذه الأهمية لتغيير كلمة بأخرى لأنه حين نرجع لقانون المسطرة الجنائية وخصوصا المادة 73 نرى أن الإحالة المباشرة لا يمكن أن تحصل إلا بشروط على رأسها التلبس بالجريمة. إذن الإحالة المباشرة خرق قانوني تتحمل مسؤوليته النيابة العامة ضدا على حقوق المتابَع الأساسية. والسؤال المنطقي الذي يتبادر للذهن هو: لماذا قررت السلطة القضائية الإحالة المباشرة رغم ما يجر عليها ذلك من انتقادات ومن اتهام بالتحيز من لدن الرأي العام وما يؤدي إليه من شكوك في نوايا من قرروا اعتقال بوعشرين ومتابعته بتهم خطيرة قد تصل عقوبتها إلى حوالي عشرين سنة؟ الجواب بسيط وهو أن الإحالة المباشرة تهدف إلى تفادي المرور عبر مسطرة التحقيق تحت سلطة قاضي التحقيق وهو ما سيتيح للمتابَع الدفاع عن نفسه وإثبات الحقيقة بالوسائل القانونية التي تتيحها هذه المسطرة حتى لا يتم الإسراع بإدانته كما هو ممكن في حالة الإحالة المباشرة.
هناك خرق آخر مرتبط بالسابق: التفتيش والحجز الذي تم في مقر إدارة أخبار اليوم لم يحترم مساطر القانون. فالحجزالذي يتم في إطار بحث تمهيدي يُلزم الضابطة القضائية بالحصول على موافقة مكتوبة وخطية وموقعة من طرف المشتبه به. طبعا هذا لم يحصل. كما أن حجز الآلة المسجلة (الديفيير DVR) لم يحترم القانون ودقته، حيث لم يشَر في المحضر إلى رقمها التسلسلي مما يتيح لأي كان أن يغيرها بأخرى تشبهها شكلا ولونا. كما أن محتواها السمعي ـ البصري المفترض لم يدقق فيه؛ فكأنك حجزت عربة سوداء ولم تشر لا إلى رقمها الإداري ولا إلى رقم هيكلها أو محركها. ثم يوما أو يومين بعد ذلك قلت أنك وجدت في محفظتها مخدرات أو أيا من الممنوعات، بل إن الشخص المشتبه فيه أكد لك لحظة الحجز أنه لا يملك قط هذه السيارة إذ لم يركبها أبدا أو يراها. فالسيد توفيق بوعشرين أكد أن الديفيير ليس في ملكه ولم يسبق له استعماله كما أمر بالمناداة على تقني الجريدة الذي أكد نفس الشيء.
وهناك أمور أخرى تشير إلى أن متابعة الصحافي بوعشرين لها دوافع سياسية أكيدة؛ فحسب شهادة العاملين بالجريدة، حضر إلى مقر الجريدة وما يحيط بها العشرات من عناصر الشرطة. بل إن ما يقرب من العشرين منهم شاركوا في التفتيش داخل مقرها. كما تمت قراءة بلاغات الوكيل العام عدة مرات في القنوات الرسمية ولأيام متتالية، وبعضها تحدث عن الجاني والضحايا، مع ذكر اسم الأول أي الصحافي المعتقل، رغم أن القانون يمنع التشهير بالأشخاص المعتقلين وعدم ذكر أسمائهم قبل أن تتم إدانتهم.
رواد الفضاء الأزرق تساءلوا لماذا توبعت السيدة برناني ولم يتابع الصحافي بوعشرين رغم أن كليهما اشتكى من التزوير، بل إن التزوير الذي يقول به الأخير أخطر من ذلك الذي تشتكي منه المستخدمة. يظهر أن الحكمة في متابعة السيدة هو ترهيب المشتكيات حتى لا تتراجع إحداهن عن صفتها الرسمية كمشتكية.
مؤشرات عديدة وأخرى غيرها تؤكد إذن الطابع السياسي لهذه القضية، ومنها الحملة العاتية التي تشنها الصحف والمواقع القريبة من السلطة عن الصحافي بوعشرين مع التذكير بادعاءات خدمته إعلاميا لعبد الله بنكيران الممنوع من الإعلام الرسمي منذ حوالي السنة.
٭ كاتب من المغرب




0 تعليق على موضوع : اعتقال الصحافي بوعشرين: خروقات تؤكد طابعه السياسي -- المعطي منجب
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات