بالحد الأدنى، تبدو الاشارات الاعلامية التي تطلقها السلطات في العراق اعتباطية ودون حد أدنى من التخطيط تاركة المجتمع في حالة قلق مستمر.
لا اعرف حتى اللحظة، سبباً واحداً لتخلي الدولة العراقية، عن واجباتها تجاه الشعب، لاسيما في مجالات تباين الاخبار والتوقعات، فنجدها تتجه من اليمين الى الشمال على حين غرة. ومع هذا التغيير، تفقد بوصلة الحالة النفسية للمجتمع، اتجاهاتها، ما تجعل المواطن يفقد السيطرة على تفكيره، فيعيش في ظلام الحياة، تاركاً طموحه الى الاقدار، وينعكس ذلك على وظيفته اليومية في العمل والاسرة.
وما يحز بالنفس، ان هناك دولاً حديثة العهد، تنفست الحياة المدنية قبل مدة قصيرة من الزمن،، تعلن عن برامجها وفق توقيتات وصيغ اصيلة، لا تتغير، إلا بشكل جزئي لا يخل بالتخطيط العام، في يوم كان العراق، يعد خططه العشرية والخمسية، ويعلنها الى الرأي العام. بينما نحن نجعل القلق لصيق المواطن، فمن تأرجح اخبار الموازنة، بين الاقرار من عدمه، ومن نفي استقطاعات الموظفين والمتقاعدين، الى استمرارها، ثم اخبار الفيضانات التي حذرتنا منها الجهات المختصة في السنة الماضية، الى جفاف خطير "تنذرنا" به ذات الجهات هذه السنة، ومن التهليل لمؤتمر الكويت، المسمى بمؤتمر المانحين، الى اخباره التي تؤكد انه مؤتمر للإقراض، سوى النزر اليسير من المنح التي لا تسمن من جوع. وقائمة التباين في المواقف والاخبار والبيانات تتسع، ومعها تتسع رقعة الذهول وعدم الاستقرار النفسي للمواطن.
لا يدرك البعض، ممن يرسل اشارات اعلامية، من المسؤولين في الدوائر التنفيذية والتشريعية، خطورة الكلمة التي يطلقوها في اللقاءات وفي الندوات الاعلامية، على حياة الإنسان كفرد، وعلى اسرته واستقرار المجتمع والوطن، وعندما تخرج الكلمة عن وظيفتها. فبدلاً من أن تكون، كما أريد لها، أداةً للتواصل بين الناس، وتفاعل الآراء والأفكار، وبثّ روح المحبّة والتّآلف، وبعث الخير في النفوس، والصدق، تتحوّل إلى أداة لزرع عدم الثقة بأجهزة الدولة، حيث لم يعد للكلمة حواجز تقف عندها على مستوى الزَّمان والمكان، وهذا يولد رهابا مجتمعيا خطيرا، نحن في غنى عنه في ظرفنا الراهن.
ومعروف، ان القلق المجتمعي يؤدي إلى الاكتئاب، وقد يلجأ بعض الأشخاص الذين يعانون منه الى تصرفات ومواقف غير محسوبة، حيث يعقد العلاقات الشخصية في الاسرة الواحدة وكذلك العمل والدراسة، والشؤون الحياتية الاخرى. فلنكن حضاريين في المصارحة المبنية على الصدق المجتمعي، ونسعى الى ان نفتح القلوب بدلاً من أن نغلقها، وأن نطفئ نيران الانباء غير الصحيحة بدلاً من أن نوقدها بخبر او معلومة صادمة لا اساس لها، وأن نؤلّف بين النفوس بدلاً من أن نباعد بينها، وأن نوصل كلمة الصدق والخير بدلاً من أن نبعِّد عنه.
ميدل ايست أونلاين
0 تعليق على موضوع : فيضان، جفاف.. منح، قروض! - بقلم: زيد الحلي
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات