بقلم: سهى الجندي
كثيرا ما ردد عضو البرلمان البريطاني جورج غالاوي أن السعودية ستكون الهدف التالي فيما سمي بـ "الربيع العربي" ومشروع الشرق الأوسط الكبير، ولا يُعرف إذا ما كانت تلك التصريحات مجرد تكهنات أم أن لديه معلومات. ولكن الأفكار في هذه المرحلة تجوب الآفاق لفهم حقيقة ما يجري، والكل يتمنى ألا تكون الأحداث استدراجا للسعودية لكي تقع في شرك الهجوم العسكري لكي تتحرك الدول الكبرى ضدها كما حدث في عام 1991 بين العراق والكويت.
بالطبع أن السيناريو العام مختلف ولكن التقلبات التي تجري بين ليلة وضحاها تجعل المرء يخشى من مكر الماكرين والدهاة. فنحن أمام أحقاد دفينة وليس مجرد خلافات في وجهات النظر، وحالما ينشب خلاف، يسارع أطرافه لفتح الملفات القديمة، والارتماء في حضن العدو ضد الشقيق، فهناك من يدعم بناء سد لقتل الأشقاء عطشا، ويهدد بشق قناة ملاحية للعدو تنافس قناة ملاحية عربية ويؤوي المعارضة من الدول العربية ويمول الفئات الضالة لكي تذبح وتسبي وتقطع الأطراف وتحرق وترتكب كل الجرائم. والغريب أن السبب غير معروف، وأبعد الاحتمالات هو أن يكون الباعث إسلاميا، إذ لا يوجد شيء يدل على هذا التوجه على أرض الواقع، فإذا كانت المساعدات هي الأدلة، فهي مساعدات لا تكاد تذكر بالنسبة للثروات التي يملكونها، كما أن بعض المشاريع كالسكن والمستشفيات ليست مجانية. وإذا كان الدافع نصرة للمقاومة وتحرير فلسطين وعلى حساب أمن الدول العربية وفتح الأبواب للطامعين، فلا أظن الفلسطينيين يؤيدون ذلك، فهل تتحرر فلسطين بينما يتعرض أمن العرب لمطامع ايران وتركيا؟ هذا ما لا يقبله عقل. فكلا الدولتين تتصرفان وكأن الدول العربية تخصهما تاريخيا، وقد قامت تركيا بإنشاء سدود على نهري دجلة والفرات ملحقة ضررا بالغا بالعراق وسوريا، وايران أنشأت سدا على نهر الزاب ملحقة ضررا بالعراق، فقد أصبح العرب هدفا لكل الدول وحتى أثيوبيا تحدت مصر بسد على نهر النيل.
ومع ذلك، فإن اللجوء إلى الحل العسكري سيجلب وبالا على المنطقة ونتائج معاكسة تصب في مصلحة ايران، التي تسارع بعد انجلاء غبار المعركة لتجمع الغنائم، ولا بأس باستمرار الحال على ما هو عليه، والتفكير بطرق سلمية تحول دون مزيد من التدهور والتردي، وفتح أبواب جديدة لإيران وتركيا اللتين تطمحان إلى إعادة الخلافة الإسلامية على أكتاف الدول العربية. ومن جانب آخر، لا يمكن الارتكاز إلى المواقف الدولية لأنها تشترى بالمال، وتدعم من يدفع أكثر.
إن هناك طرقا أخرى إعلامية وقانونية واقتصادية قد تنجح في تحقيق ما لا يحققه السلاح، فقد نجحت إدارة ريغان في تفكيك الاتحاد السوفيتي دون استخدام السلاح، فقد كان هناك مشاكل كثيرة في داخل الاتحاد السوفيتي ونجحت الإدارة الأميركية باستغلالها وإبرازها إلى السطح، مما حرك الجماهير آنذاك. ولا بد من تحريك الأجهزة الإعلامية لتوضيح المفاهيم الخاطئة، فالعلاقة التجارية مع إيران غير العلاقة الاستراتيجية، ولا يمكن مساواة جميع الأطراف بدعم الإرهاب، فهناك دعم يصب في المصلحة القومية وهناك دعم يخرب ويدمر بهدف التدمير ولا يوجد هدف استراتيجي واضح. كما أن الأدلة على دعم الإرهاب ليست منشورة على نطاق واسع، ولا بد للإعلام أن يقوم بحملة لتوضيح الأمور لكسب التأييد الشعبي على نطاق أوسع.
0 تعليق على موضوع : هل هو فخ؟ هل تتحرر فلسطين بينما يتعرض أمن العرب لمطامع ايران وتركيا؟
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات